لماذا يهرع بعض العرب لمساعدة المعتوه القذافي بعد أن تأكد تآمره وإعطاؤه الأوامر لتنفيذ أبشع جرائم الإرهاب.. هذه الجريمة التي لم تتسرع المملكة باتخاذ مواقف منها إلا بعد أن وضعت يدها على وثائق واعترافات مصدقة من دولة ثالثة، رغم امتلاك المملكة لوثائق وشهود يعرف القذافي أنهم أحياء ولا توجد صعوبة في أن يكشفوا وعلى الملأ فضائح القذافي، إلا أن المملكة ليس من طبعها التسرع ولا العجلة ولا التلذذ بنشر فضائح الآخرين حتى وإن كان هؤلاء الآخرون من الذين يتآمرون عليها وعلى قادتها.
والإخوة العرب الذين أبدوا استعداداً للتوسط لدى المملكة حتى تتجاوز فعلة القذافي الإجرامي، لا تشك في إخلاصهم لجمع الكلمة العربية وتجنيب الأمة أي شقاق جديد أو خلاف يضعفها أمام أعدائها، ولكن هل ليبيا القذافي في وضعها الذي أوصلها إليه العقيد يخدم القضايا العربية.. هل هذا النظام يمكن الاعتماد عليه لدرء الأخطار عن العرب ..؟!!
القذافي يستنجد بالأمين العام لجامعة الدول العربية طالباً التوسط لدى المملكة.. والأستاذ عمرو موسى يقول المتحدث باسمه إنه بدأ اتصالاته..!!! ألا يتذكر الأستاذ عمرو موسى قول القذافي في الذكرى الثالثة والثلاثين لانقلاب الأول من سبتمبر (إن ليبيا لا تستطيع التعلق بعواطفها مع العرب، وأن الجامعة العربية لا معنى لها وذليلة وفاشلة ولا تساوي شيئاً...)!!
هذه نظرة القذافي وتقييمه لجامعة الدول العربية فكيف يطلب من الذليلة انتشاله من المأزق الذي وقع فيه...؟!!
ثم ماذا قدم القذافي للعرب غير الشتائم والإهانات والمواقف التي تخدم الأعداء، لقد تخلى القذافي عن مقعد ليبيا في الجامعة العربية لإسرائيل، ووصف العرب ب(الحقراء والجبناء والمفروض أن تذبحهم إسرائيل لأنهم اعتادوا حياة الذل والعار ولا يستطيعون أن يرفعوا رأسهم يوماً واحداً)..!!
وإذا كان العرب يعتبرون- وهم على حق - أن القضية الفلسطينية هي قضيتهم المركزية فإن القذافي أكبر عدو للقضية الفلسطينية ليس فقط بالأفعال وأبشعها طرد مئات الآف من الأسر الفلسطينية من الأراضي الليبية وتركهم في الصحراء على الحدود الليبية المصرية، بل أيضا بالمواقف، إذا كان القذافي ولا يزال مصدر قلق وتشويش وإرباك لمسيرة الثورة الفلسطينية وعامل إضرار بمصالحها، فمنذ اليوم الأول لانقلاب الأول من سبتمبر من عام 1969م أصدر القذافي إلغاء اللجان الشعبية لنصرة الشعب الفلسطيني التي شكلتها الدول العربية لنصرة الثورة الفلسطينية.
والقذافي ضد قيام دولة فلسطينية لأن الخطر الصهيوني ضد الأمة العربية سيزداد لو قامت الدولة الفلسطينية المستقلة، ففي خطاب له قال بالحرف: (لو اعترف الإسرائيليون بالفلسطينيين.. واعترف الفلسطينيون بالإسرائيليين.. ولو أقيمت دولة فلسطينية على أي جزء، فإن الخطر سيتضاعف لأن المقاومة الفلسطينية هي عبارة عن خندق أمامي لمقاومة الصهيونية في المنطقة العربية وأنه إذا تم التفاهم مع هذا الخندق وتم تطويقه حتى الاعتراف به ستتقدم القوات المعادية وراء هذا الخندق لمعالجة بقية الأهداف والقضاء على بقية الخنادق).
ألم يوص القذافي في قمة عمان (مارس 2001م) بالتخلي عن المسجد الأقصى..!!
من هنا نفهم تهجم القذافي على المقاتلين الفلسطينيين الذين صنعوا ملحمة بيروت عام 1982م حيث أطلق على هؤلاء المقاتلين الذين خاضوا أطول معركة عربية ضد الكيان الصهيوني وأوقعوا في صفوفه خسائر تفوق مجموع ما خسره في كل معاركه.. هؤلاء المقاتلون الذين امتلأت صحف العالم وصحف العدو نفسه بالحديث عن بطولاتهم وتضحياتهم لقب (قطيع من الغنم) وجاءت دعوته لهم بالانتحار في بيروت !!
ولم يكتف القذافي بهجومه على المقاتلين الفلسطينيين، بل وصل الحال به إلى التهجم على الشعب الفلسطيني نفسه الذي قال عنه في خطاب له (باع أرضه وعرضه) هذه العبارة التي لم يقلها أعتى عتاة الصهاينة على مر العصور، وفي خطاب له آخر قال عن المجلس الوطني الفلسطيني الذي يضم ممثلين عن كل الاتجاهات الفلسطينية من سياسيين وعسكريين ومفكرين (إنه حديقة حيوانات)!
ووصل الحال به إلى تسليط إرهابه وبطشه على المواطنين الفلسطينيين العاديين، الذين يعملون في ليبيا، عندما أقدم على إعدام خمسة فلسطينيين شنقاً في المدارس التي يعملون بها وأمام التلاميذ الذين يدرّسونهم، لا لذنب إلا لكونهم فلسطينيين ويرفضون أن يكونوا مع (اللجان الثورية) القذافية..!
هذه هي أفعال ومواقف القذافي تجاه أقدس قضايا العرب وأنبلها وأكثرها شرعية، أما موقفه تجاه الدول والقادة العرب فالوقائع تؤكدها، فعلى سبيل الذكر وليس الحصر محاولة اغتيال الرئيس أنور السادات والرئيس الحبيب بورقيبة ومسؤوليته عن غياب الإمام الشيعي اللبناني موسى الصدر ووزير الخارجية الليبي داعية حقوق الإنسان منصور الكيخا، والآن يضيف جريمة أخرى بتدبير مؤامرة لاغتيال سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي مدّ له طوق النجاة بعد فضائح لوكربي.
هذا السجل الإرهابي لشخص ناكر للجميل كيف يتورط من يتوسط له، ألا يخشى من يمدون له يد المساعدة أن يكون رد جميله كرد الجميل الذي قدمه للأمير عبد الله بن عبد العزيز؟
|