مازالت ردود الفعل الحامية تتواصل في إسرائيل عقب الكشف عن الهوية (البدوية العربية) للجنود الإسرائيليين الخمسة الذين قتلوا في العملية العسكرية الفلسطينية الأخيرة في رفح منذ قرابة أسبوعين.
مراكز الأبحاث والجامعات الإسرائيلية اهتمت بدورها بهذه القضية وحاولت القاء الضوء على نشاط العرب عموماً في المجال العسكري, وهو النشاط الموجه أساساً ضد الفلسطينيين والتي كان أبرزها اغتيال الطفلة (ايمان الهمص) من غزة على يد رائد درزي عند عودتها إلى منزلها في منتصف نوفمبر الماضي.
البروفيسورة شمعونا أراد أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية أشارت في دراسة مصغرة لها بعنوان (البدو. . . . . . الواقع والأفاق) والتي صدرت في الحادي عشر من شهر ديسمبر الجاري والتي اعترفت خلالها بقوة البطش الذي يتحلي بها العرب في الجيش الإسرائيلي خاصة البدو والدروز مشيرة في مقدمة هذه الدراسة أن العديد من الاستطلاعات الميدانية كشفت أن العسكريين منهم وعند اجتياحهم لأي مدينة أو موقع عربي يعطون الأوامر للجنود بإطلاق النار على أي هدف حتى ولو كان طفلاً.
وتنقسم الدراسة إلى فصلين الأول الحديث عن هؤلاء العرب والواقع المستقبلي والأفاق الخاصة بها والثاني عبارة عن آراء كبار الساسة من عرب إسرائيل في هذه القضية.
بداية تشير ( دايان) إلى إن الطائفة البدوية والدرزية أيضاً في إسرائيل تعتبر من أهم الطوائف خاصة لو وضع في الحسبان مدى قوتها في العديد من المواقع السياسية أو الاقتصادية بجانب العسكرية.
وترى ديان أن موت خمسة من الجنود الاسرائيليين البدو من (كتيبة الدورية الصحراوية) - التي يقبل العرب عموماً على الخدمة بها - في العملية الاستشهادية الأخيرة لحركة حماس يدل على العنصرية التي تتحلى بها السياسة الإسرائيلية حيث تعامل العرب عموماً كمواطنين من الدرجة الثانية على الرغم من المجهودات التي يقوم بها هؤلاء الدروز في سبيل خدمة إسرائيل.
وتشير الدراسة إلى أن الخدمة في الجيش هي وسيلة فرار للشباب العربي أياً كان أصله الذي ينحدر منه من الضائقة الاقتصادية التي يعيشون فيها, وأحياناً تكون هذه هي السبيل الوحيد لديهم لأن يحققوا في السياق عملاً ثابتاً.
وتوضح أن الحاجة إلى المادة هي التي تحث أي شاب عربي على الانضمام إلى الجيش لا سيما حين يكون معلوماً مدى الظلم الذي يتعرض له الوسط العربي المظلوم بالميزانيات وبالبنى التحتية.
وتنتقل الدراسة إلى الفصل الثاني حيث نقلت ديان آراء العديد من الاطراف الأساسية في هذه القضية حيث ألقوا الضوء - خلال حديثهم لوسائل الإعلام - على هذه المشكلة التي باتت تمثل تهديداً كبيراً ليس فقط للفلسطينيين أو للعرب في إسرائيل ولكن للعرب عموماً.
بداية يؤكد الدكتور (عزمي بشارة) عضو الكنيست العربي ورئيس حزب التجمع أن العرب في إسرائيل يحجمون عن الخدمة في الجيش وذلك باستثناء الدروز والبدو الذي يقبل عدد منهم على الانضمام إلى الجيش.
ويري بشارة أن للبدو وكذلك للدروز في مختلف الدول العربية مواقف وطنية يشهد بها الجميع منذ القدم حتى الآن , ضارباً المثال بالمواقف التي يتخذها الزعيم اللبناني وليد جنبلاط وغيره من النماذج الموجودة داخل إسرائيل نفسها مثل (سعيد نفاع) رئيس جمعية ميثاق المعروفين الأحرار وهي أحد أبرز الجمعيات العربية التي تطالب بمنع الدروز من التوجه للخدمة في الجيش.
وأشار إلى أن النقطة الأساسية التي يتم تناولها في هذه القضية هي رفض مبدأ الخدمة في الجيش من الأساس وليس انتقاد البدو أو الدروز كطائفة لها احترامها في إسرائيل, وأشار إلى أن هذه النقطة في منتهى الخطورة خاصة لو علم أن هناك عدداً كبيراً من المسؤولين الدروز خصوصاً في إسرائيل وعلى رأسهم مجلي وهبة يدعون أن الدروز ليسوا عرباً على سبيل المثال وهو ما تصدى له حزب التجمع في الكنيست وناقشه وأحرج النائب وهبة أمام الجميع.
على الجانب الآخر يستنكر مجلي وهبة الحملة التي تشنها عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية ذاتها ضد العرب والدروز بسبب هذا الضابط الدرزي الذي قتل الطفلة الهمص موضحاً أن ما وصفه ب(الأخطاء المأساوية غير المقصودة) تكون عواقبها أليمة دائماً حيث لم يقصد هذا الضابط قتل الطفلة إيمان مؤكداً أن الموضوع ما زال قيد التحقيق والضابط المتهم بهذه الجريمة يتم التحقيق معه ولم يتم الإعلان عن شيء رسمي بهذا الخصوص.
والغريب أن وهبه أشار أن إسرائيل تعيش في حالة حرب معتبراً أن وضع الحرب الذي تعيشه إسرائيل هو سبب في هذه القضية, وطالب بضرورة عدم استغلال القضايا الفردية مثل قتل هذه الطفلة وتحويلها إلى قضية طائفية حيث لا تتحمل كل الطائفة الدرزية مسؤولية الحادث، وهنالك ملايين الأمور الإنسانية الجيدة التي تقوم بها الطائفة الدرزية ويشيد بها الجميع.
انتهيت الدراسة ولكن لم تنتهِ هذه القضية التي مازالت تشغل إسرائيل منذ وقوع العملية الاستشهادية الأخيرة لحركة حماس في حق الشهيدة (الهمص), وعلى الرغم من المواقف الوطنية للعديد من البدو والدروز الوطنية التي يشهد بها الجميع إلا أن الجرائم الأخيرة لأبناء هاتين الطائفتين بالتحديد تعيد فتح الجرح مرة أخرى لتزداد القضية سخونة الأمر الذي يعكس مدى خطورة هذه القضية.
|