أول الرواد الصهاينة، الحاخام موردخاي الياهو (حاخام إسرائيل الأكبر) قال قبل أيام قلائل عبر مجلة ( من ينابيع الخلاص) : إن حجر الشرب الموجود في جبل الهيكل (الحرم) يبعث القوة والقدرة في نفس من يمتلكه، ولم يفصل مقصده.
منذ سنوات عديدة وأتباع هذه الحركات يعتقدون أن كارهي إسرائيل وأعداءها المسلمين يستمدون قوتهم وقدرتهم على تهديد الشعب اليهودي وإلحاق الأذى به من سيطرتهم المباشرة على أقدس مقدساته وهو ساحة جبل الهيكل الذي يوجد به أيضاً المسجد الأقصى.
حسب هذه الفرضية يتسبب وجود المساجد على أنقاض الهيكل وإدارة المسلمين له بإضعاف قدرة دولة إسرائيل في مواجهة الضغوط والتهديدات الداخلية والخارجية بصورة ثابتة, ومن الناحية الأخرى يبعث القوة في نفوس الأعداء.
يجب الحذر من الرياح الجديدة التي بدأت تهب في أوساط المتطرفين في حركات جبل الهيكل والتي تتزايد مع اقتراب لحظة إخلاء مستوطنات غزة, وبدأت تظهر مؤشرات إحياء الفكرة القديمة التي حاول الحاخام المتشدد يشوعا بن شوشان تطبيقها قبل 25 عاماً (في إطار التنظيم السري اليهودي لقتل المسلمين والذي قبضت الشرطة على أعضائه وأفرجت عنهم بعد ذلك ).
والمعروف أن بن شوشان زعم معتمداً على مصادر توراتية أن السيطرة الإسلامية على جبل الهيكل هي جذر الخلل في شعب إسرائيل، وأن هذه السيطرة توفر للمسلمين ينبوعاً روحانياً يرضعون منه ويستمدون قوة بقائهم وحياتهم في البلاد.
بن شوشان وبعض رفاقه قدروا حينئذ أن إزالة هذا الرجس والدنس عن جبل الهيكل وتفجير المساجد.
هذه الرؤية التجريدية تغلغلت في السنوات الأخيرة في هامش المجتمع الديني وخصوصاً في صفوف حركات شبيبة الجبال ومجموعات صغيرة من التائبين.
تصور بعض منهم يتميز بالنزعة الخلاصية التي لا تقبل المساومة من جهة وبالمفارقة التي تعزلهم عن المجتمع والدولة صراحة.
كلنا نذكر عصابة لفتا الشهيرة والتي عاش أعضاؤها في مدخل مدينة القدس والذين اتحدوا مع مجرم تائب على شاكلة شمعون بردا عام (1984) وأوشكوا على تحقيق مأربهم في تفجير المساجد غير أن الشرطة قبضت عليهم في آخر لحظة.
والمؤسف أن الوحيدين القادرين على الوصول إلى أطراف من هذه الشاكلة أو غيرهم من الذين يرون بتدمير الحرم أداة ملائمة وجديرة لعرقلة إخلاء غزة والقادرين على منع المس بالحرم وما سيترتب عليه من كارثة تحدق بنا من ناحية العالم الإسلامي، هم الحاخامات من أوساط حركات جبل الهيكل.
أغلبية هؤلاء الحاخامات يدركون أنه رغم أن تثبيت سيطرة معينة على جبل الهيكل كان ممكناً قبل أربعين سنة لو تم التصرف بصورة أخرى، إلا أن السور الفاصل بين إسرائيل وجبل الهيكل سيزداد علواً فقط إثر تنفيذ عملية جنونية من الشاكلة التي وصفناها، وان دولة إسرائيل وحكومتها ستدفعان ثمناً مضاعفاً بمرات كثيرة في جبل الهيكل أولاً، إذا تضررت المساجد.
لا جدوى للتداول معهم حول خطورة هذا العمل، ولكن هناك ضرورة شديدة للتحدث معهم حول تبدد أحلامهم الأكيد التي ربما سيكون من الممكن تحقيق جزء منها في إطار التسوية الدائمة.
نداف شرجاي
مراسل الصحيفة لشؤون القدس والاستيطان (هآرتس)
مجلة من ينابيع الخلاص : من أشهر المجلات التي تعبر عن وجهة نظر المتشددين في إسرائيل وتصدر كل يوم أحد. |