لا تستطيع أبداً معرفة ماسيحدث في حياتك.. كل شيء فيها يسير بشكل عادي لكن فجأة ومن حيث لا تدري يحدث شيء ويتغير كل شيء في لمحة، أحياناً تجد نفسك تواجه مصيبة لكنك تكتشف في المقابل جانباً من شخصيتك ما كنت أنت نفسك تدرك امتلاكك له، هذا هو ما حدث لي.
كنت في رحلة تزلج مع عائلتي في ولاية يوتا الأمريكية، وما كنت لأظن وقتها ولو لثانية بأن تلك الرحلة سيكون لها كل هذا التأثير العميق على حياتي كنت اتطلع للرحلة وكنت أكثر من سعيد لترك جوانب كثير من حياتي ورائي.
كنت أيامها لا أشعر بالكثير من الراحة إذ كنت قد تركت لتوي وظيفة وأبحث عن أخرى، وكان ذلك الوقت من تلك الأوقات التى تجد نفسك فيها عند تقاطع طرق ولا تدري أيها تأخذ.. لكنني ذهبت في رحلة التزلج في يوتا وكان أول شيء أثار استغرابي الضوء الباهر وقوة أشعة الشمس.
كان اليوم الأول على المنحدرات الثلجية هو بداية الغلطة إذ ذهبت بدون وضع أي كريم حماية على جسمي وأصبت بحروق متعددة نتيجة لذلك، تفاديت هذه الغلطة في الأيام التالية وكنت لا أخرج بدون وضع هذه الكريمات الواقية، لكن الحروق التي أصابتني في اليوم الأول استفحلت وبالرغم من هذا قررت المواصلة لآخر يوم في الرحلة.
أدركت بعد عودتنا من منتجع التزلج بأن الحروق التي على جسمي وخاصة وجهي لم تكن تشفي بالسرعة المتوقع لها، والغريب أنها عندما بدأت تشفي تركت مكانها تلون غريب على الجانب الأيسر من وجهي وعلى رقبتي وكانت هناك بقع بيضاء تنتشر على قمة رأسي، لاحظت كذلك بأن الشعر الذي ينمو على المناطق البضاء الملونة من دقني لونه أبيض، لم أكن أدرك مايحدث لكنني لم أكن قلقاً كثيرا.
كنت أفكر طوال الوقت بأن الحالة مجرد ردة فعل لحروق الشمس وتأثيرها على جلدي وستختفي في القريب.. لكن أسابيع مرت بدون تحسن في المناطق المصابة بتغيير اللون.. وهنا أدركت ضرورة استشارة متخصص في الأمراض الجلدية.
وذهبت لرؤية الطبيب الذى شرح لي أني قد أصبت بمرض جلدي يسمى البهاق. وشرح لي كيف أن جهاز المناعة في جسم البعض يهاجم نفسه ويتسبب بهذا المرض الذى يجعل الجلد يفقد بعض خلايا التلوين فيه.. كنت استمع بانتباه لكلامه رغم صدمتي، لم يخفف من الصدمة كلام الطبيب عن إصابة مغني الروك المشهور مايكل جاكسون الذى أخبرني الطبيب بأنه اضطر لتبييض كل جسمه حتى يزيل البقع الملونة من جسمه.
بعدها بدأ يشرح لي الطبيب أن هذا البهاق وعلى الرغم من عدم وجود علاج شاف له إلا أنه يمكن التحسين من مظهره عن طريق بعض العلاجات المتوفرة.
عدت للمنزل بعد أن وصف لي الطبيب بعض الكريمات لكن ولسوء الحظ فإنها لم تحسن من حالتي، بدأت أشعر بفقدان الثقة المخلوط بالقلق، كنت أؤمن بأن الحالة صارت مزمنة ولا علاج لها.. بدأت ألاحظ نظرات الناس لي وبدأ هذا يؤثر عليّ سلبيا أكثر وأكثر، ولأنني كنت أعزب فقد زادت مخاوفي الشخصية على أن لا أنثى سترضى حتى النظر إلى وجهي فكيف سترضى بي رفيقا لها.
مع انخفاض ثقتي بنفسي بدأت أتمنى لو أن التاريخ يعود بي للوراء واستغل تلك الفترة التي كنت أبدو فيها طبيعيا.. كنت أشعر أن الوقت فات لأن أصنع من نفسي ولها شيئا يستحق الذكر، كنت أنظر لنفسي في المرآة وأقول (أيها المشوه لماذا حدث لك هذا؟).
نعم.. لقد طرحت هذا السؤال على نفسي كل لحظة.. لكني لم أكن أعرف الإجابة، كنت أحيانا كثيرا ألوم نفسي وبشدة على إهمالي لوضع كريمات الوقاية وأنا في منتجع التزلج، كنت بعدها أتمنى لو أنني لم أذهب في تلك الرحلة أساسا وبقيت في مكاني رغم تأكيد أطباء الجلدية الذين راجعتهم على أنه لا علاقة بين حالتي وبين حروق الشمس التى عدت بها من رحلتي.. كانوا يقولون لي بأنها مجرد مصادفة أن أصاب بالمرض في وقت حدوث الحروق وليس أكثر وأن البهاق كان سيحدث حتى وإن لم أكن ذهبت في تلك الرحلة.. لكننى كنت أشعر بالذنب من نفسي تجاه نفسي.
ما الذى فعلته لأستحق هذا المرض والتشوه الذي أراه ويلحظه الآخرون؟ وكنت في كل مرة أسأل نفسي هذا السؤال أشعر بالشفقة على نفسي بشكل متزايد.. كان الأهل والأصدقاء يؤكدون لي بأنه أمر بسيط ولا يهمهم ولا يجب أن يؤثر سلبيا عليّ لكنني في كل مرة كنت ألمح نفسي في المرآة كنت أشعر بالغضب، كنت كأنني أتلقى صفعة على وجهي، كنت أشعر بالغضب تجاه أهلي,
|