بعد نشر مقالي الذي تحدث عن مصادرة جهاز الهيئة للرسيفرات من أسواق الرياض باستثناء رسيرفر قناة المجد وبعد رد الهيئة الفضفاض في صفحة عزيزتي الجزيرة نشر ما لا يقل عن عشر مقالات سواء في عزيزتي الجزيرة أو خارجها كلها (دون استثناء) تمدح وتمجد هذا الجهاز حتى ان بعضها جعل العاملين في جهاز الهيئة فوق مستوى البشر بمسافة يصعب قياسها بالأجهزة الكهرومغناطيسية المتوفرة. القارئ المطلع على هذه المقالات وغيرها في الإنترنت سوف يصل إلى نتيجة واحدة، تقول هذه النتيجة إن توفر الفضيلة والأخلاق الحميدة في المجتمع يعود إلى وجود جهاز الهيئة وغياب هذا الجهاز سوف يؤدي إلى إشاعة الفوضى الأخلاقية وتفشي كل أسباب الرذيلة، فالمجتمع، كما تقول هذه المقالات، لا يملك الفضيلة في ذاته بل يستمدها من هذا الجهاز، لا أعرف هل كتاب هذه المقالات ينظرون إلى المجتمع السعودي على أساس أنه هو المجتمع الوحيد الذي خلقه الله بلا فضيلة داخلية أم إلى البشر ككل أي أن الإنسان من حيث كونه إنساناً لا يملك الفضيلة كعنصر أخلاقي داخلي فيه وإنما يحتاج إلى جهاز هيئة يوفرها له، هل المجتمع السعودي وحده في العالم الذي يحتاج إلى جهاز حكومي لإشاعة الفضيلة فيه أم أن البشرية كلها تحتاج إلى مثل هذا الجهاز وإذا كان الاستنتاج الثاني هو المقصود فالمعروف أن كل المجتمعات البشرية - مع الأسف - لا يوجد لديها هيئة أو شيء يشبه الهيئة - على حد علمي - ولذا يمكن القول إن الفضيلة محصورة في المجتمع السعودي لتوفر هذا الجهاز فيه. أترك النظر في هذا الموضوع لحكمة القارئ الكريم.
بعد كل هذه الردود تمنيت أني لم أكتب مقالي المذكور الذي ينتقد تصرف الهيئة فيما يتعلق بمصادرة الرسيفرات، لأنه حقق عكس ما كنت أصبو إليه، لم يكن مقالي بصدد الدفاع عن حق مواطني وسكان مدينة الرياض في الاستمتاع والاستفادة من الرسيفير أسوة بسكان المملكة وسكان هذا الكوكب، أنا أعرف والإخوة في الهيئة يعرفون أن السيل لا يرد بغربال، كان هدفي مناقشة كل القضايا بما فيها القضايا المتعلقة بجهاز الهيئة وسحبه إلى المنطقة التي نكشف فيها مزاياه وعيوبه كأي جهاز حكومي آخر فثقافة الحوار لا تستثني أحداً، الذي يُقلِّب هذه الجريدة الآن أو أي جريدة أخرى سيرى أن كل الأجهزة الحكومية (باستثناء الهيئة) تتعرض للنقد والمراجعة والمتابعة وعلى رأس هذه الأجهزة جهاز الأمن العام الذي هو صمام الأمان والفضيلة والأخلاق في هذا البلد، فرغم أن العاملين في هذا الجهاز (الأمن العام) يعرضون حيواتهم للخطر بشكل يومي سواء في زمن الإرهاب الذي نشهده الآن أو في الأزمنة الأخرى إلا أن أحداً لم يكتب مدعياً أن العاملين في هذا الجهاز يتمتعون بفضائل تفوق الفضائل البشرية. يتعرض جهاز الأمن العام كل يوم وفي كل جريدة للنقد وفي بعض الأحيان للتجريح ولكنني لم أقرأ من الإخوة الكرام الذين هبوا للدفاع عن الهيئة أي محاولة للدفاع عن هذا الجهاز فضلاً عن رفع العاملين فيه إلى ما فوق المستوى البشري، كتبت (أنا شخصياً) أكثر من مقال عن إدارة الجوازات والمرور وعن الشرطة بشكل حاد وساخر وحتى هذه اللحظة لم يهب أحد للدفاع عنهم، فسؤالي هو: ما الذي يميز جهاز الهيئة وهو جهاز حكومي شبه أمني عن أجهزة وزارة الداخلية الأمنية.. لماذا يهب هؤلاء للدفاع عن الهيئة ولا يهبون للدفاع عن الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية؟
سؤال يستحق التأمل سأنظر فيه يوم الاثنين القادم.
فاكس : 4702164
|