شخصياً ومعي الكثيرون من المثقفين والمسؤولين العرب وغير العرب، يقدرون ويحترمون المفكر العربي والدبلوماسي المحترف الأستاذ عمرو موسى، ولذلك فقد كنت وكل محب للثروات الفكرية العربية أخشى عليه من (الغرق) في أتون (بحار) جامعة الدول العربية التي ورثت العديد من العوائق والإحباطات والعراقيل، وإن كنا نحن المثقفين العرب نأمل أن ينجح في تحريك ركود الجامعة ونقلها إلى مصاف المنظمات الإقليمية الفاعلة، وقد حاول الأستاذ عمرو موسى أن يعمل شيئاً لتحقيق أماني العرب جميعاً بأن تكون لهم منظمة فاعلة، وقدم أفكاراً وسعى وتحرك، إلا أنه ظل يدور في حلقة فارغة لأسباب خارجة عن إرادته، وعدم تفاعل أصحاب القرار من بعض القادة العرب في أن يكون للجامعة العربية دور.. بل وحتى تأثير، ويذكر الأستاذ عمرو موسى ونتذكر معه كيف كان أحد هؤلاء القادة يقلب سجارته الأمريكية ويعبث مع أحد أعضاء وفده، فيما كان الأستاذ عمرو موسى يقدم تقريره عن خطة إصلاح آليات عمل جامعة الدول العربية.
نعرف أن منصب أمين جامعة الدول العربية يفرض على من يشغله أن يتعامل (دبلوماسياً) مع أي طلب يوجه إليه من دولة عضو، ولكن هل لنا أن نسأل هل (الجماهيرية الليبية الاشتراكية الشعبية الديمقراطية العظمى) عضو في جامعة الدول العربية تلتزم بضوابط العضوية وتنفذ ما يطلب منها، حتى تستجيب الأمانة العامة للجامعة بتعامل مع طلبات قيادتها.
لا يهمني كمواطن سعودي عربي فيما يوجهه المسؤولون الليبيون إلى جامعة الدول العربية وأمينها العام وللعرب جميعاً، عند حديثهم في تفضيل الأفارقة على العرب.
لا يهمني إلا فيما يمس عروبتي، واشمئزازي من الإساءات الموجهة إلى شخصية عربية بهامة عمرو موسى، أما غير ذلك فيسقط في خانة التعامل مع كل ما يصدر من أقوال وأفعال مسرحيات اللامعقول التي اعتدنا باستقبالها بالسخرية.
السخرية هذه تتوقف وتتحول إلى غضب حينما يتجه القول والفعل للمس بالوطن ورموز الوطن، ولهذا فبعد الكشف عن المؤامرة الليبية بتجنيد إرهابيين لاغتيال سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولذلك فإن محاولة توريط الأستاذ عمرو موسى وتوظيفه لإيجاد مخرج لليبيين المحرضين على الإرهاب لا ينظر إليه السعوديون ولا يتعاملون معه مثل غيره من الأفعال الليبية بالسخرية، فالفعل الليبي المشين الموثق باعترافات المتهمين الرئيسيين عبدالرحمن العمودي وضابط المخابرات الليبية لا يمكن معالجته باتصالات و(تبويس اللحى) والمجاملات الدبلوماسية، فهذا النظام الإرهابي الذي يجرؤ على القيام بمثل هذا العمل الدنيء لا يمكن إخفاؤه ليس بهدف التأجيج، بل بالعمل لوضع حد له، ولهذا فإن خير مكان لتتبع المؤامرة الليبية ومعاقبة الذين أمروا بها وأعطوا بالإذن بتنفيذها، هي منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن بالتحديد، كجريمة من جرائم الإرهاب الدولي، وهذه الجريمة لخساستها والتاريخ الأسود للذين خططوا لها وأعطوا الأوامر لتنفيذها لا يمكن أن تكون محصورة بجامعة الدول العربية ليس تشكيكاً بقدرة ودور الأستاذ عمرو موسى بل لأن الطرف المذنب لا يقيم وزناً لجامعة الدول العربية وأمينها العام.
كما أن هذه الجريمة التي تصنف كجريمة إرهابية دولية فإن القوانين الأممية التي وضعت لمكافحة الإرهاب تحصر معالجة هذه المسألة ومحاسبة مرتكبيها وفق القوانين الدولية التي وضعت لمحاربة الإرهاب من خلال مجلس الأمن واللجان المختصة.
|