لعلي استخدمتُ لفظ (هَمّ) لأنها تعبِّر عما أريد طرحه في موضوعي هذا. أولى القضايا التي تتطلب منا تبصرة ومراجعة من المشاكل جمة أولها:
1- ما طرحته آنفاً عن مشاكل التعليم وما آل إليه. وبالمقارنة إلى السنوات الماضية وتدفق الخريجين والخريجات ما يجعلنا نتحقق من أمر، وهو مهم، وهو ماذا سيحدث بعد عشر سنوات مقبلة لهذه الأعداد المتدفقة إلى التعليم؟! وهل ستجد لها حيزاً داخل صرح الجامعة الكبير أم أنها ستلقي بهم خارج أسوارها؟! فإننا بأيدينا نساهم في دفع عجلة الجهل والبطالة في مجتمعنا ما لم نتريث ونبصر الأمور على حقيقتها، فالمنطق يقول: يتخرج سنوياً أربعون ألفاً من حملة الشهادة الثانوية فتيات وشباباً، وجميعهم يبحثون عن مقاعد، ومن غير المعقول أن تستقبل الجامعة في جدة هذه الأعداد الهائلة! فقد تقبل البعض منهم، وما رأيته بأم عيني توافد أرتال من الفتيات خريجات الثانوية العامة مما جعلني أتساءل: ما مصير البقية المتبقية منهم؟! وإلى أين سيكون مآلهم، هل المنازل أم الأعمال الحرة أم قارعات الطريق والتسول والبطالة؟!
كل هذا وارد، ولا بدَّ أن يكون في الحسبان ما لم نتدارك الأمر ونُعِد من جديد مراجعة خططنا المبرمجة في التعليم ونُتِح الفرص لكل وافد داخل ربوع مملكتنا.
2- قضية أخرى تتعلق بفتياتنا، وهي العنوسة؛ فقد كشفت إحصائية رسمية أن هناك 1.5 مليون فتاة سعودية يعانين الاكتئاب لعدم الزواج، وقد وصل نهاية عام 1999م حوالي 529 ألفاً و418 فتاة. وأسباب ظاهرة العنوسة هي المغالاة في المهور وارتفاع تكاليف متطلبات الزواج، بالإضافة إلى عزوف الشباب عن الزواج من الفتيات المتعلمات تعليماً جامعياً أو فوق الجامعي.
وقضية مثل هذه لا بدَّ أن يُنظر فيها بعين الاعتبار؛ حتى لا تتفشى الأمراض النفسية في مجتمعنا.
3- ازدياد نسبة المواليد كل عام، وهذا يمثل كثافة في أعداد المواليد، وهذه النسبة المتزايدة سوف ترفع في السنوات القادمة سكان البلاد إلى أربعين مليوناً. وهذا التزايد الهائل بحاجة لعلاج وتعليم وسبل حياة كريمة. ونحن لم نستعد لهذا التزايد أو ما نسميه (الانفجار السكاني). إن هذا الازدياد الكبير سيصاحبه المزيد من المشاكل التي لم تُرصد حسابياً من أجل التفكير في معالجة ما ينجم عنها من مفاجآت متعددة.
4- لعل همومنا لم تكتمل بعد، فهناك التلوث البيئي الذي تحدثه المنشآت؛ مثل (المصانع- وحرق النفايات- وغيره)، وهي تساهم بشكل مباشر في نشر الأمراض المختلفة.
هناك المزيد من الهموم التي أهمتنا وما زالت تخيفنا في حياتنا وبحاجة إلى حلول آلية عاجلة؛ حتى نتفادى المحاذير التي تنجم تلقائياً ونستعد لمواجهة الحال الآتية ومشاكلها، ذلك أنها مشكلات تتصادم مع مستقبلنا الآتي.
مرفأ
نحن بحاجة إلى تبصرة لمعالجة الخلل الذي ينتاب حياتنا.. وإلا أصبحنا في عداد المقصِّرين المتواكلين.. فهل من سبل حتى نصل إلى أهدافنا باعتمادنا على أنفسنا وخلع رداء الكسل والرموز جانباً؟!
|