* بيروت - خاص ب(الجزيرة):
أكد فضيلة الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني مفتي الجمهورية اللبنانية أن الخطاب الإسلامي المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لا يعاني من قصور أو نقص، مشيراً إلى أن العودة لهذا الخطاب الأساس الذي يخاطب العقل والقلب، ويحقق الاعتدال والرحمة والتسامح ويرسخ القيم الإنسانية النبيلة والفضائل هو كل ما تحتاجه الأمة، للوصول إلى خطاب إسلامي معاصر ومتميز له قدرة النفاذ والتأثير في مسيرة الدعوة إلى الله.
وأشار مفتي لبنان في حديث ل(الجزيرة) إلى أن الأصل والأساس هو الضمان في كل بناء وشريعة الإسلام، وكتابه القرآن، هو خطاب الله الخالق العظيم، الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى إلى الإنسان الذي خلقه الله فأحسن خلقه، وصوره فأحسن صورته، وكرمه فأكمل تكريمه، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وزوده بالعقل ليكون قادراً على عمارة الأرض على قواعد الإيمان بالله، والعمل بهدايته وشريعته فيها.
والسنة النبوية أيضاً، هي خطاب خاتم أنبياء الله ورسله محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس، لبيان شريعة الله لهم، وما أوحى الله به إليه ليبين للناس ما نزل إليهم، وخطاب الله للناس في القرآن الكريم، وخطاب نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية، هو الأصل والأساس المتميز بالجلال والجمال والكمال، وهو الذي يلامس العقل والقلب والنفس في الإنسان، فيعمل عمله، ويؤدي غرضه إذا استجاب الإنسان لله ورسوله، ويعلمنا الله ذلك في القرآن الكريم فيقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} وخطابنا نحن البشر، يكون في مستواه رفيعاً ومتميزاً بالقدر الذي نستفيد فيه من خطاب الله تعالى وخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة، فالكلمة الطيبة، والقول السديد الحسن، والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، هي شروط الخطاب الإسلامي الأصيل، الذي علمنا الله إياه ورسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة، ودرج عليه الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعون من بعدهم، ولذلك كان خطاب الإسلام للناس في القرآن والسنة هو الخطاب الأصيل في حياة الإنسان والبشر، لأنه خطاب العقل والعلم والحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، والحوار بالحسنى، ودفع سلبيات الحياة بالتي هي أحسن.
وتساءل مفتي لبنان: أين القصور أو التقصير في مثل هذا الخطاب الإسلامي الأصيل، وهو خطاب الله تعالى ورسوله المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم؟ مؤكداً أنه إذا نزل خطابنا الإسلامي اليوم عن هذا المستوى في القرآن الكريم والسنة، فإن القصور أو التقصير منا نحن البشر، الذين علينا أن نتعلم حتى نبلغ هذا المستوى في الخطاب، ونخاطب به الناس، ولا نتخلف عنه حتى لا تختلف في الحياة والعالم.
لذلك ما على العالمين أو المتعلمين فينا إلا أن ينهضوا بواجبهم وأمانتهم في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنى كما أرشدنا الله في القرآن الكريم، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم والتابعون من بعدهم، فنقوم بواجب الدعوة إلى الله عن سننهم، علما وعملاً، وتقوى وحكمة، ووعياً واستقامة، وإخلاصاً، لنعود كما أرادنا الله خير أمة أخرجت للناس.
وحول استخدام تقنيات العصر على تنوعها في توجيه الخطاب الإسلامي المعاصر، قال مفتي لبنان:
هو خير عمل نقوم به لإنجاح هذا الخطاب، والوصول به إلى كل فرد وبيت ومكتب ومؤسسة في العالم، والقيام بواجب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فكلنا أمناء على تبليغ رسالة الإسلام إلى الناس والعالم، كل على قدر علمه ومعرفته وهمته، وقد علمنا سيدنا ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (بلغوا عني ولو آية).
وما نراه اليوم من تجدد حملة العداء للإسلام في العالم، ووصفه بالإرهاب تارة، وبالعنف والتشدد تارة أخرى، إلا ردة فعل على نجاح الإسلام وانفتاحه على العالم، وانفتاح العالم عليه وعلى قيمه، وأخلاقه وحضارته وأنواره، وسماحته، وعدالته، ليموهوا على الذين لا يعرفون من حسن الإسلام شيئاً بعد ويشوشوا عليهم صورة الإسلام، حتى يعرضوا عنه ولا يقبلوا عليه.
ومن حكمة الله تعالى وبديع صنعه أن هذه الحملة وإن أضرت بالمسلمين من جهة، إلا أنها خدمت الإسلام من ناحية أخرى، فإذا بالعالم يطلب التعرف على الإسلام ليعرف ماهذا الإسلام الذي يخوفون منه أو به العالم، وإذا بالذين يتعرفون على الإسلام وحقيقته النازلة من رب العالمين، يسلمون أو ينصفون الإسلام من حملة العداء المضللة عنه {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} .
|