في مثل هذا اليوم من عام 1921 اعتقلت السلطات الإنجليزية سعد زغلول ورفاقه وقامت بنفيهم إلى جزيرة سيشيل.
كان المناخ السياسي في مصر في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الأولى مناخاً ثورياً يتوق إلى الاستقلال والحرية، وتجلت آثاره في ثورة 1919، التي رفعت شعار (الاستقلال التام أو الموت الزؤام)، وقام الشعب المصري بثورة عارمة من أقصى البلاد إلى أدناها، زاد من عنفوانها نفي الإنجليز لزعيمها سعد زغلول إلى خارج البلاد.
وأمام هذا الطوفان البشري الثائر لم تجد السلطة الفعلية في مصر وهي الإنجليز إلا إصدار تصريح 28 فبراير 1922 الذي اعترف باستقلال مصر، وإنهاء الحماية البريطانية، مع وجود تحفظات أربعة على هذا الاستقلال تمثلت في: حق بريطانيا في التدخل في شؤون مصر للدفاع عنها، وتأمين مواصلاتها، وحماية المصالح الأجنبية والأقليات، والسودان، وبذلك جردت هذه التحفظات الاستقلال من مضمونه، وأخذ الإنجليز بيدهم اليسرى ما قدموه بيدهم الأخرى، وكان التصريح في جوهره صيغة سياسية جديدة للوجود البريطاني في مصر والتدخل في شؤونها، وقد حرص الإنجليز على ألا تستبد قوة واحدة بالسلطة في مصر حتى ولو كانت هذه القوة حليفة لهم؛ وذلك مخافة أن تنافسهم هذه القوة على السلطة لمصلحتها الذاتية. كان سعد زغلول زعيماً لحزب الوفد الذي تفاوض مع الإنجليز للحصول على استقلال مصر، كما كان رمزاً للحركة الوطنية في مصر.
وقد ولد زغلول في أسرة ريفية من قرية (إيبيانة)، وتعلم في الأزهر وأصبح قاضياً ثم وزيراً للعدل فوزيراً للمعارف، وشكل في سنوات الحرب جماعات عمل للمطالبة باستقلال مصر وبسيادتها الكاملة، إلا أن البريطانيين ردوا بإعلان فرض الأحكام العرفية من جديد وقبضوا على الزعيم سعد زغلول ونفوه إلى مالطة ثم إلى جزيرة سيشيل.
وفور انتشار أخبار القبض على الزعيم، اندلعت في جميع أنحاء القطر ثورة شعبية لم تشهد مصر لها مثيلاً، واتحدت طوائف الأمة من مسلمين ومسيحيين، عمالاً وفلاحين وموظفين وطلبة، في تحد للمستعمر مطالبين بعودة سعد زغلول وجلاء الإنجليز.
|