Thursday 23rd December,200411774العددالخميس 11 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

ورحل.. صديق الجميع ورحل.. صديق الجميع
م. مشاري خالد الدعجاني /شقراء

أحياناً يكون الموقف أكبر من أن يعبَّر عنه ببضع كلمات مهما كان لدى الإنسان من الفصاحة والبلاغة وقوة التعبير لأنه مهما قيل وكتب من كلمات تبقى صغيرة ومتقزمة أمام ذلك الموقف أو الحدث، ويكون الصمت أبلغ في التعبير عنه. يوم الأربعاء الموافق 18-10-1425هـ غيَّب الموت الشيخ زيد بن نجا الحارثي أحد أعيان محافظة شقراء.
رحل الإنسان والشاعر والمثقف صاحب الصفات الحميدة والأخلاق العالية. فعندما تجلس معه فأنت أمام موسوعة متكاملة ينتقل بك بين القصيدة والقصة والموقف الطريف، كما أنه ملم بأنساب القبائل والعوائل المعروفة، وقد أخبرني ذات مرة أنه يوجد له بعض المراسلات مع علاَّمة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر حول بعض الأنساب والمواقع الجغرافية، كان أحد منسوبي وزارة الأشغال العامة والإسكان (سابقاً) قبل تقاعده.
وفي أوائل الثمانينات الميلادية من القرن الماضي انتقل من مدينة الرياض، حيث كان يقيم إلى مدينة شقراء مع بداية الطفرة التي شهدتها بلادنا في جميع المجالات وخاصة في مجال الزراعة، حيث مُنح مع بعض أفراد أسرته عدة مشاريع زراعية لإنتاج القمح عند الكيل عشرين غرب مدينة شقراء في المنطقة المسماة (الجريد)، حيث أقام عدة فلل داخل مزارعه وبعض المنشآت الأخرى وأصبحت مقراً دائماً له حتى وفاته.
لقد كان - رحمه الله - يتميَّز برجاحة عقله واحترامه وتقديره للجميع الذين بادلوه الحب والتقدير والاحترام حتى وفاته وستظل هذه الذكرى العطرة باقية له ولأبنائه من بعده.
عندما أخبرني أحد الزملاء بخبر وفاته أصبت بصدمة من قوة المفاجأة ودار شريط الذكريات في مخيلتي لاستعراض بعض المواقف معه - رحمه الله - ومنها على سبيل المثال أذكر أن الصفحة الشعبية بصحيفة الجزيرة نشرت لي أبيات يقول مطلعها:


أحسبن البطى يمحى الغلا
ما دريت أن الغلا لبطى يزيد
مرت سنين وقلبي ما سلا
ويتجدد حبهم في كل عيد
صوته الدافي وقولة يا هلا
يتردد بالصدى لوه بعيد

وقد اطلع عليها في الصحيفة وعندما قابلته في إحدى الإدارات الحكومية قال: يا أخي مشاري أبياتك أعادتنا لذكريات الشباب والصبا. قلت: يا أبا جياش الحب الحقيقي يبقى داخلنا مهما تغيَّرت وتبدلت الظروف المحيطة بنا، وكما يقال الشباب شباب الروح وليس شباب العمر ودعني بابتسامة وذهبت في طريقي وحول تلك الملاحظة أرسلت له أبيات لا أذكرها الآن وبعد مدة أرسل الرد مع اعتذار رقيق عن التأخير في الرد بسبب سفره للخارج وما زلت أحتفظ به حتى اليوم.
عند وفاة الشخص البسيط العادي تفتقده أسرته وبعض أقاربه لكن عند وفاة الشخص المعروف أو الشخصية العامة فإن الجميع يفتقدها وعلى نطاق أوسع وزيد الحارثي - رحمه الله - من الأشخاص المعروفين على الأقل على مستوى محافظة شقراء وما جاورها..
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
وقفة:


ثمانية شهر شوال بعد خمسة وعشرين
لفاني خبر كدَّر مزاجي وأنا سالي
يقولون راع الطيب قفى مع المقفين
وأنا أقسم برب البيت رحل صاحبٍ غالي
رحل زيد أبو جياش الحارثي نعمين
وهذا القدر وشلون به العبد يحتالي
بكاه مسجدٍ له عامره بالتقى والدين
وبكته الرجال ألي لها قدر واجلالي
وبكاه (الجريد) ألي سكن به عقود سنين
مع مجلسٍ قلط به أكباش ودلالي
طليق الحجاج وكلمته مرحبا وأهلين
ولا حسب المصروف من قرش واريالي
ولا حدن شكى منه الخطأ وقال فعله شين
ويذكر بنعمٍ قول مثبوت بافعالي
ألا يا ثواب القلب عقبه كواه البين
بعد راح راع الصدق زيزوم رجالي
أبا أطلب له الغفران من والي البيتين
يقولون.. لا.. ما مات من خلف عيالي
وأبا أعزي الأسرة الأدنين والأقصين
وأعزي خفوق به توابيع زلزالي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved