تقتضي المرحلة المقبلة على رجال الأعمال والمال في دول مجلس التعاون أن يقدموا الكثير من المسئوليات والاهتمامات.. الواقع ينبئ بغير ذلك، فلا يزال البعض منهم متردداً في اكتشاف الفرص الاستثمارية الخليجية وهو على نقيض ما يقوم به نظائرهم في المجتمعات الغربية الصناعية.. فرجل الأعمال الخليجي مسؤول بدرجات متفاوتة عن الازدهار الاقتصادي وحل المشكلات الاجتماعية لوطنه بنفس درجة مسؤوليته عن تنمية أعماله الخاصة وتحقيق الربح لها بغض النظر عن حجم أعماله صغيرة كانت أو كبيرة.. وإن مستوى المهام والآمال المعقودة عليه والتي تتطلع إليه منطقته تبقى من أولويات نشاطاته الاقتصادية والتي تمتد بمستقبله ومستقبل الأجيال المقبلة.. وعلى الرغم أن رأس المال الحقيقي لدول مجلس التعاون يتبلور في مواردها البترولية إلا أن قدرة رجل الأعمال على العمل سوياً وجنباً إلى جنب مع قياداته لا تقل شأناً عن موارده بهدف تحقيق نمو اقتصادي وأمني في الخليج، وهو أيضاً يملك كل أسباب التميز من معرفة ومهارة وأموال تمكنه من تبني دور فعال بتحويل كل الأفكار الناجحة إلى مشاريع تنموية توظف وتستغل الموارد الطبيعية والبشرية للمنطقة.. وهنا يثار تساؤل حول ما إذا كان رجل الأعمال يستطيع تحقيق مشاركة اقتصادية تساهم إيجابياً في تعجيل مشاريع مجلس الخليج التنموية والتي يحتاجها سكانه. الإجابة واضحة فالوقت مناسب للمفاتحة، ومعظم الخليجيين يشعرون برغبة جامحة في الشروع ببرامج الإصلاح الاقتصادي, والمصارحة مطلوبة حالياً لإقناع المهتمين بسرعة تنفيذ المشاريع المدروسة، وتفعيل الممولين والمنافسين باستغلال الفرص الاستثمارية المدعومة من حكوماتهم، وبناءً على ما شهدته دولهم الست من فوائض مالية تفتح أمامهم المزيد من الآفاق الواعدة.
نعتقد أن رجل الأعمال الناجح في سوق اليوم هو الذي يستطيع الاستجابة لأولويات سكان منطقته من حيث رغباتهم واحتياجاتهم وقدرتهم على الإنفاق، أما العاجز عن التكيف فهو من لا يفعل شيئاً لوطنه، وكل ما يقوم به هو تحويل مدخراته المالية إلى الخارج لاستثمارها هناك.. وحين يعجز المرء عن اكتشاف احتياجات موطنه ومواطنيه ولا يرغب في تحمل دوره التنموي فان الحال غريب، الأدوار والفعاليات تتوقف على سريرة رجل الأعمال نفسه.. فإذا كان هو نفسه يشعر تجاه المنطقة بالارتياح والثقة الضمنية فإنه يصنع المعجزات، أما إذا كانت السريرة فيه غير ذلك فلا نرجو مساهمة ولا مشاركة في قضاء على بطالة أو تعجيل برامج التنمية.. المرحلة الحالية تقتضي تقديم الكثير من التضحيات على حساب المصلحة الذاتية التي يفرضها علينا ما يتعرض لها دول المجلس من إعمال تخريبية تتطلب من الجميع تكاتف ومواجهة، وعلى كل المستويات حتى يتم استئصال الفتنة من جذورها.
|