قدر العراقيين أن يدفعوا ثمن الإصرار على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده قانون الدولة المؤقت، والذي صدر في عهد مجلس الحكم السابق.. موعد الانتخابات الذي أصبح (مقدساً) سيدفع ثمن الإصرار على الالتزام به العراقيون. والعراقيون الأبرياء غير مرتبطين بالتنظيمات الحزبية أو المليشيات ولا حتى المؤسسات الحكومية.. فالذين يسقطون يومياً وبالعشرات من العراقيين - مثل ضحايا الأعمال الإرهابية في العمليتين الإجراميتين في النجف وكربلاء - هم من العراقيين البسطاء الذين لا علاقة لهم بالانتخابات ولا بالقوات المحتلة، ولا حتى الأحزاب التي تنشط على الساحة العراقية.. هم بكل بساطة أناس عاديون إما من أهل المدينتين أو ممن يأتون للنجف وكربلاء لزيارة الأماكن المقدسة للشيعة.
هدف الجريمتين الإرهابيتين واضح ومكشوف، والعراقيون قبل غيرهم يعرفون النوايا الشريرة للجهة والجماعة التي نفذت العمليتين، والمسؤولة عن العديد من الأعمال الإرهابية التي تشمل القتل والتدمير بالطائرات والمدافع والسيارات المفخخة، والاغتيالات الموجهة ضد العراقيين.. وهي ليست بهدف عرقلة الانتخابات، بل من أجل إحداث فتنة طائفية بالعراق وشعبه الغني عنها.
ولقد فعلت القيادات الدينية العراقية سواء الشيعية أو السُنّية حسناً عندما بادرت رموز هذه القيادات بفضح المنفذين الحقيقيين لهذه الأعمال الإرهابية، الذين ينتمون إلى فئة التكفيريين والاقصائيين، والذين يخدمون أهدافاً شريرة تصب لمصلحة المحتل، مهما حاولوا تبرير ذلك، ومهما ساقوا من أقوال لا يقبلها الدين ولا العقل.
فرز هذه الفئة المنحرفة والشاذة هو الذي دفع القيادات الدينية الشيعية إلى المبادرة بالطلب من مريديهم ومقلديهم من الشيعة بالتحلي بالصبر وعدم الاندفاع والانسياق وراء الكمين الذي يسعى إليه هؤلاء المنحرفون بإغراق العراق في أتون الفتنة الطائفية.
كما أن مبادرة هيئة كبار علماء المسلمين السُنّة في العراق بإدانة العمليتين الإرهابيتين ومواساتها لأهالي النجف وكربلاء ومشاركتهم مصابهم الأليم، تكمل الجزء الآخر من التحرك الحكيم للقيادات الدينية من كلتا الطائفتين.. فهذه القيادات التي تعي ما يُخطط للعراق من مؤامرات قامت بدورها لتطويق الأفعال الشريرة للإرهابيين، وعليهم التحرك أكثر لنقل الوعي لكل العراقيين من سُنّة وشيعة حتى يتم عزل المتطرفين من تكفيريين أو إقصائيين، الذين ينفذون مخططات المحتلين بوعي من قادتهم وبغير وعي ممن ينخدعون بشعاراتهم وادعاءاتهم التي لا تستند إلى ركائز دينية أو أخلاقية.
|