Wednesday 22nd December,200411773العددالاربعاء 10 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

17 ربيع الثاني 1392هـ الموافق 3 مايو 1972م العدد 393 17 ربيع الثاني 1392هـ الموافق 3 مايو 1972م العدد 393
رفقاً بالقوارير
بقلم: محمد معيض السريعي

عجيب أمر هؤلاء الناس.. بل عجيب أمر هذه النفوس المتصلبة التي لا تؤمن إلا برأيها ولا تركن إلا لفكرتها حتى فقدت مرونتها فتعودت أن تنظر وتعمل وتتصرف على وتيرة واحدة هي في الحقيقة إلى المادة أقرب منها إلى المعنى.. أعني أولئك الذين يجبرون المرأة بقبول الزواج من شخص لم تشارك في اختياره شريكا لحياتها.. إن الشريعة السمحة قد جعلت لهذه المرأة متسعاً ومبرراً في أن تشارك ولي أمرها في اختيار شريك حياتها، وهذا ما يجب أن تقوم عليه المبادئ الأساسية في الزواج.. فقد جاء عن رسول الله (ص) قوله: (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صمتها)..
فما بال هؤلاء الآباء - سامحهم الله - لا يقفون عند هذه الحدود؟ فحديث الرسول الكريم واضح كوضوح الشمس في كبد السماء والحقيقة لا غبار عليها، فالثيب من النساء هي أحق باختيار شريكها في هذه الحياة ولا أرى مانعا من توجيهها إلى الشخص الكفء المعروف حسبا ونسبا واستقامة.. والبنت البكر يجب أن تستأذن أيضاً فكلامها تصريح وسكوتها تلميح واعتراضها فصل الخطاب.. وإن كنت لا أعتقد أن أي منهن سوف تصرح لوليها بالموافقة على الزواج المتقدم لخطبتها إلا أن هناك من قريباتها اللاتي لهن خبرة باطنية في هذه الناحية من يدلها إلى سواء السبيل؛ لأن النظرة وحدها لا تكفي لتبني عليها البنت موقفها في الإقدام أو الإحجام؛ لأن الزواج معاشرة دائمة وشركة قائمة بين الرجل والمرأة إلى أن يشاء الله، وقد منع الشرع إكراه المرأة - بكرا كانت أو ثيبا - على الزواج من شخص لا رغبة لها فيه، ولها في الشرع متسع في المطالبة بفسخ العقد عندما تدرك أن تصرفات وليها جرت دون رغبتها، وخير ما يستند عليه في هذا الموقف ما جرى للخنساء بنت خدام التي زوجها أبوها وهي ثيب فاتت الرسول (ص) فرد نكاحها.. وعن ابن عباس أيضاً (أن جارية بكرا أتت رسول الله (ص) فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي (ص) .. ولنا في هاتين الحادثتين ما يجعلنا نقف في طريق الأولياء الذين لا يتمسكون بحدود الدين الحنيف والذين يجعلون المادة نصب أعينهم دون النظر إلى ما يترتب على هذه التصرفات عن نتائج سيئة تعود انعكاساتها بالإضرار بالمرأة قبل كل شيء، ولن أذهب بعيدا للبحث عن مثل أؤكد به هذا الكلام، فتلك القضايا التي تزخر بها محاكمنا الشرعية والتي كلها زوجية تؤكد صواب ما بحثته هنا والتي كانت ناتجة عن تصرفات الآباء أنفسهم في عدم تحري الدقة وعدم التمشي بما جاءت به شريعة الله.
وليعلم الجميع أنني لا أريد أن أفتح المجال هنا لبنات حواء فيأخذن من كلامي هذا ذريعة للخروج به على تلك التقاليد، وفي نفس الوقت فلا أريد من الآباء أن يتركوا الحبل على الغارب فتختار كل واحدة شريكها دون معرفته معرفة تامة، ولأنه يتعاون الأب والأم والأسرة معا في اختيار الزوج المستقيم لا بد أن ينتج عنه استشارة للمخطوبة وهذا من شأنه تطمينها وإشعارها بالمشاركة الفعلية لكي لا يحدث هناك مشاكل تكون ناتجة من تصرفات أبويها دون مشاركتها، والهدف من هذا هو إصلاح الأسرة فهي نواة المجتمع وبسعادتها تتم سعادة صغارها حياة ترفرف عليها السعادة وهذا لا يتم إلا بتطبيق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، وقياس الجانب الاجتماعي على ما فيها من حدود.
ولكي أوضح سلامة ما ذهبت إليه في حديثي هذا فقد تركت الموضوع شاملا لأن لكل فرد في هذا المجتمع له الحق في أن يقول رأيه ويشارك في الحلول التي قد تعود بالفائدة للجميع.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved