يخطئ من يعتقد ألا علاقة بين الأمن والفكر فمن لي بأمة مبدعة وفكرها منحرف وأمنها معدوم ذلك أبداً لا يكون وإنما الصواب أن نقول: ان الأمن والفكر مصطلحان مترابطان لا يمكن لأحدهما أن ينفك أو يستغني عن الآخر فراحة البال واستقامة الفكر تولد مجتمعا مستقيما يعرف ما يضره وما ينفعه وهكذا كان عصر النبوة حيث توفر الأمن واستقام الفكر فوجد طريقه بسهولة ويسر إلى قلوب ملايين البشر فما علينا لو اقتدينا برسولنا صلى الله عليه وسلم الذي وصفه ربه بقوله تعالى:
{وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}. أنا وغيري نتساءل:
هل نحن أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أعلم من أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو عمر رضي الله عنه أو علي رضي الله عنه أو عثمان رضي الله عنه؟
فإذا كان الجواب بنعم فذاك لعمري هو الضلال البعيد وإذا كان الجواب بلا وهو ما يجب أن يكون فعلينا ان نتساءل:
هل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكفير الناس لمجرد الشبهة أو انه كان يتريث حتى يتثبت ويقيم الحجة وكذا أصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم؟ فلم يعرف ان احدا كفّر الناس لمجرد شبهة ما بل كان أحرص ما يحرصون عليه هو عدم الوقوع في متاهات التكفير وغيره من الفتن ومن هذا المنطلق نقول:
إن هذه الأحداث والفتن التي نشهدها اليوم في مجتمعنا ما هي إلا نتاج لأفكار هدامة ومشوشة ومنحرفة وجدت طريقها إلى فئة قليلة ضلت الطريق ولم تكن مهيأة فيما يبدو للتصدي لهذه الأفكار نتيجة لعدم وجود رصيد من العلم الشرعي لدى هذه الفئة فكانت النتيجة أن تأثرت بهذه الأفكار واندفعت وراءها بدون وعي أما ما يثار من اتهام للمناهج وانها هي السبب في إثارة هذه الفتن وظهور الإرهاب فالرد على هذه التهم غاية في السهولة والبساطة إذ ان المجتمع كله درس هذه المناهج وتخرج في المدارس والمعاهد والجامعات التي تدرس هذه المناهج ولم نسمع أو نرى ان هذه الملايين قد أصبحت إرهابية بل هم مواطنون صالحون يعبدون الله على هدى وبصيرة ولم تنحرف إلا فئة قليلة وقليلة جدا وسبب انحرافها يعود إلى انها لم تدرس هذه المناهج كما ينبغي ولم يكن لها أصلاً حظ وافر من العلم الشرعي بدليل ان حججها تنهار عند أول مواجهة مع أهل العلم الشرعي الفعليين ومع ذلك فإن وزارة التربية والتعليم ممثلة بمعالي الوزير - حفظه الله - تقوم بجهود جبارة لمواجهة هذا التيار العابث من خلال لقاءاته مع التربويين ورسائله التي تصل إلى المدارس بشكل دوري كما ان إدارة تعليم الرياض ممثلة في مديرها العام تقوم بجهود رائعة لمكافحة هذا الداء وهي جهة ليست بحاجة إلى شهادة أحد حيث تثري المدارس بالتوجيهات والتعليمات التي تقف بالمرصاد ضد كل من تأثر بهذا التيار وباعتباري أحد منسوبي هذا الجهاز التربوي الحيوي فإنني لا أنسى جهود المراكز التربوية في تنفيذ توجيهات مسؤولي التربية والتعليم ومتابعتها لحظة بلحظة وأخص مركز الإشراف التربوي بشرق الرياض ممثلاً في الدكتور موسى العويس الذي يتابع المدارس لحظة بلحظة ويقف مع مدير المدرسة بكل طاقاته فجزى الله الجميع كل خير.
وأخيراً أقول: ان بلادنا لها حق علينا فهي ليست ككل البلاد وحكامها ليسوا ككل الحكام فلهم منا الولاء والطاعة ما داموا يحكمون فينا شرع الله ويخدمون مقدساتنا بكل ما اوتوا من قوة فجزاهم الله عنا خير الجزاء..
وحرس الله بلادنا من كل مكروه .
|