دعوة الأمير سلطان إلى أهمية الوحدة في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية ، تأخذ بعين الاعتبار الظرف الحساس الذي تمر به الأمة ، فيما تتكالب عليها الاتهامات من كل صوب وتتربص بها بعض الدوائر ، متحينة أية فرصة لتوجيه سهامها إن لم نقل جيوشها إليها .. ومن ثم فقد بات لزاما على الأمة أن تظهر قدرا أكبر من الوحدة والتضامن ، بالقدر الذي يعكس وعيها بتلك الأخطار ، ومن مظاهر هذا الوعي ألا يتم السماح لأي خلاف أن يفت في عضد الأمة أو يحد من قدرتها على العمل المشترك . التصريح في قمة مجلس التعاون التي اختتمت أعمالها أمس له أكثر من مغزى ، فعلى ضوء الخلافات الخاصة بالاتفاقيات الثنائية بين بعض دول المجلس والولايات المتحدة ، وهو أمر ألقى بتأثيراته الثقيلة على القمة إن لم نقل إنه كان من أكثر نقاط الاهتمام داخلها وبين الذين يتابعون المداولات ، يأتي هذا التصريح ليؤكد على أهمية حصر الخلاف في إطاره ، دون السماح له بأن يتجاوز مجرد المناقشات الفنية على أهميتها .
إن الحديث عن الخلافات داخل المجلس ، لا يعني بأي حال أن هذه الخلافات تكبل عمله ، بل إن تجاهل الخلافات دون مواجهتها قد يكون هو المعوق الأكبر للمسيرة ، ولهذا فإن القمة ينبغي أن تكون هي المكان المناسب الذي يجري فيه طرح كافة الهموم والمشاكل مع العمل على حلها ، خصوصا إذا كانت المسائل مدار البحث هي من النوع الذي يلقي بتأثيراته المباشرة على العمل المشترك ، وخاصة ما يتعلق بشؤون الاقتصاد والتجارة وهي الموضوعات التي تحظى باهتمام العالم أجمع ، باعتبار أن أية دولة تسعى لنيل حصتها التي تستحقها في المبادلات الدولية وأن أي انتقاص لهذه الحصة يعني المساس بالحقوق .
ولا تعني مواجهة هذه المسائل داخل مجلس التعاون أن المجلس يتعرض لنكسة في مسيرته بل العكس هو الصحيح ، فالمناقشات التي جرت وتجري تعكس جوا صحيا مطلوبا ، ومن ثم فإن دعوة الأمير سلطان إلى أهمية التمسك بالوحدة ينظر إليها على أنها دعوة لمواجهة الأمور بالحكمة وبالتي هي أحسن ، دون السماح بأن تخرج المناقشات عن الجو العملي وعن الموضوعية .
ويفيد مجلس التعاون دائما أن يسعى إلى إضفاء الشفافية على ما يدور داخل اجتماعاته ، فمشاركة أبناء المنطقة من خلال طرح ما يدور داخل القاعات المغلقة تعطي هذه اللقاءات الشعبية المطلوبة ، الأمر الذي ينسحب على كامل دور المجلس ، إذ انه كلما اقترب المجلس من الشعوب كلما حقق التفافا معها أكبر حوله من أجل دعمه .. وكلما أصبح قادرا على استشفاف توجهاتها وتطلعاتها لتكون ضمن العناصر التي يسترشد بها في عمله وفي رسم الخطط وفي التنفيذ .
وستقدر الشعوب أن يتم وضعها دائما في صورة ما يحدث ، وأن تطلع على الخلافات كما تقف على الإنجازات ، فالأمر يهمها هي أولا وأخيرا ، وقد برزت خلال هذه القمة أهمية المكاشفة ، وسيكون مفيدا أن تتسع درجة هذه الشفافية التي تعني مشاركة أكبر في العمل وفي القرار .
|