الموافقة السامية التي قضت بمنح موظفي الأجهزة الحكومية وكافة قطاعات الدولة الأخرى إجازة لمدة يوم واحد في مناسبة اليوم الوطني للمملكة والذي صادف الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام ميلادي، هذه الموافقة السامية تأتي استجابة لطلب الوطن من خلال ما ورد من خواطر وطنية في الإعلام وغيره، حيث تختلج قلوب المواطنين محبة ونشوة وطنية في هذا اليوم، وقبل ذلك فإن هذا القرار يمثل دفعاً قوياً من قيادة هذا البلد لابنائه لإذكاء الروح الوطنية في النفوس، خاصة وأن بلاد الأرض كلها تعتبر مثل هذه المناسبة عطلة رسمية كل عام ولئن بدا مثل هذا القرار جديداً على بعض الناس، إلا أنه يأتي مواكباً لمفردات العصر، ومتسقاً مع الأعراف الدولية، والاحتياجات النفسية للإنسان السعودي، الذي من حقه أن يعتبر يومه الوطني عيداً يحتفل فيه باستقرار وطنه واستقلال قراره، ووحدة ابنائه وأمن أهله.
لقد طالبت كغيري في أكثر من مناسبة إعلامية من خلال الصحافة أو اللقاءات والحوارات الفكرية بضرورة اعتماد يوم وطني نفرح به جميعاً ويعتبر عيداً وطنياً كاملاً، وها هو والحمد لله قد تحقق، وتتبلور واحدة من تطلعاتنا ونشترك مع العالم حولنا في مناسبة غالية على قلوبنا جميعاً، وما أجمل أن (نتهادى) مع دول شقيقة وصديقة في أيامنا الوطنية الفرح والبهجة بعيداً عن أعباء العمل والروتين اليومي الذي يفقد كثيراً من المناسبات طعمها ولونها مثل عيد العمال، ويوم الشجرة، وغير ذلك.
بعد صدور الموافقة السامية باعتبار العيد الوطني إجازة رسمية.. جمعتني جلسة مع بعض الأخوات اللاتي يحببن دائماً أن يغردن خارج السرب.. فادعت إحداهن أن العيد لدينا في السنة عيدان فقط، والعطلة عطلتان فقط، فقلنا لها: (من قيمنا إكرام الضيف إننا نقول عند استقباله: في السنة عيدان واليوم عيد ثالث ثم ألا نقول عند قدوم المولود هذا اليوم عيد؟
ثم إننا نحتفل بالأعراس، ومن حق (المعرس) أن يأخذ اجازة ثلاثة أيام على الأقل!! والأمثلة كثيرة التي تعبر عن الفرحة والبهجة الجماعية التي تكتسي بثوب العيد وختمنا حديثنا واستفسارنا.. أفلا يستحق الوطن منا أن نفرح له ونبتهج به ونتبادل السعادة، ونأخذ يوماً عطلة تربطنا برباط وثيق مع الوطن الآمن والمستقر، ونشارك العالم حولنا لغة الفرح والإجازة؟!
فيما روي عن الإمام علي كرم الله وجهه قوله: (إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره) أو ليس من حق هذا الوطن الغالي علينا أن نعبر له عن حبنا له وسعدنا به؟!
لست أرى أية علاقة بين ان نحتفل بعيدنا الوطني في يومه السنوي، وبين الخروج على المألوف كما يرى البعض، اللهم إلا اذا كنا نريد ان نبقى أسرى الغلو والتطرف وتفصيل المواقف والمشاعر على مقاييس الفهم عند هؤلاء إن هذه المناسبة الغالية، وهذه الإجازة المجازة لهي فرصة لنا لأن نستمر في التعبير عن احاسيسنا وان نبدي آراءنا بحرية وصراحة في أسلوب معبر عن اتجاهنا ووجهتنا فوق رمال هذا الوطن، وليعلم الذين يحتكرون الوعي والفهم والرأي ويتحكمون، أو يريدون أن يتحكموا في ألسنة الخلق، إن التعبير عن المشاعر قد ثبت علمياً أنه أمر صحي ينشط الذهن والقلب ويقوي المناعة في جسد الإنسان، وهو غذاء روحي يبعث في صاحبه الحيوية والطيبة والثقة في النفس ويبعد الازمات القلبية والجلطات الدماغية التي ثبت انها تأتي عادة بسبب ارتفاع في الضغط الذي يسببه الكبت والضغوط.
هذه الموافقة السامية جاءت في وقتها وتوقيتها، وإننا نتطلع إلى عباءة سامية تطوي تحتها أيام أعياد أخرى، تفرح بها الأم في يومها، والعامل في يومه، والمعلم في عيده، وكل من لهذا الوطن فضل عليه منذ ولد فيه ودرج على رماله وسعى في سبله متميزاً.. معطاءً.. محباً.. متفانياً.. منشداً:
في يوم عيدك يا وطن..
يهنا.. ويبتسم الزمن
ويعانق الفرح القلوب
وتنزوي كل الفتن..
... وتاليتها...؟!!
فاكس 2051900 |