Wednesday 22nd December,200411773العددالاربعاء 10 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دفق قلم دفق قلم
جائزة العويس والشيخ زايد
عبدالرحمن صالح العشماوي

حينما قرأت خبرًا في بعض الصحف الخليجية يشير إلى معاقبة أحد الذين فازوا سابقًا بجائزة الأديب الإماراتي سلطان العويس، وهو الشاعر (سعدي يوسف) حيث عوقب بسحب الجائزة منه لأنَّه قال كلامًا شتم فيه الشيخ زايد - رحمه الله - بعد وفاته، مع أنه فاز بالجائزة عام تسعين الميلادي، وهذا عقاب معنوي من قبل القائمين على الجائزة لهذا الشاعر الذي أساء إلى رئيس البلاد التي منحته الجائزة، وكرَّمته بها.
حينما قرأت ذلك الخبر سرَّني لأنَّ فيه موقفًا واضحًا من شاعرٍ تجاوز الآداب المتعارف عليها وشتم رجلاً له مكانته عند محبِّيه، وله دوره المشهود في رعاية شعبه الذي بذل ويبذل له الحب والتقدير.
كما أنه شتم رجلاً قد واجه ربه سبحانه وتعالى، فما كان يليق به أن يسيء إليه، ولا شك أن الوقوف بحزمٍ أمام أصحاب المواقف المتلوِّنة من الأدباء والشعراء واجبٌ على جميع الجهات الثقافية والأدبية.
ولكنني أحب أن أوجِّه سؤالاً إلى القائمين على جائزة العويس أقول فيه:
ألا ترون أنَّه من الواجب عليكم - انطلاقًا من رسالتكم الثقافية - إعادة النظر في المقاييس التي تختارون بها معظم من يفوز في الحقول الأدبية والشعرية في جائزتكم؟ أليس الغضب لله عز وجل ورسله ودينه واجبًا علينا جميعًا؟ لقد فاز بجائزتكم من الشعراء الذين شاع في شعرهم الإلحاد، والانحراف الأخلاقي، والإساءة إلى مقام الألوهية ومقامات الأنبياء، ومبادئ الشريعة عددٌ غير قليل، فكيف تجاوز إنتاجهم مقياسكم الدقيق الذي أرشدكم إلى سحب الجائزة من شاعرٍ أساء إلى رجل من المسلمين، سواءٌ أكان من خاصتهم، أو عامتهم، لأنَّ الإساءة المتعمدة عمل مرفوض في مقاييس الأخلاق النبيلة؟
نعم، إن الإساءة إلى الشيخ زايد - رحمه الله - تستحق أن تجد منكم هذا الموقف الإيجابي الذي وقفتموه.
أليست الإساءة إلى ديننا ونبينا وشريعتنا جديرة بمثل هذا الموقف؟ وهل غاب عن بال اللجان المتخصصة عندكم ما ورد في شعر أمثال: أدونيس، والبياتي، وقباني وسعدي يوسف من إساءات واضحة إلى أمور معلومة من الدين بالضرورة؟ أم أنَّ قراءة ما في شعرهم من الانحراف كانت قراءةً عابرةً لم تتوقَّف عنده توقُّف الغيور على مبادئه ودينه، ولهذا نالوا الجوائز بالرغم من وجود منهج السبِّ والشتم لما لا يجوز سبُّه وشتمه؟
إنها خطوة إيجابية تلك الخطوة التي عاقبت شاعرًا سبَّ رجلاً له في نفوس محبيه مكانة وتقدير، ولكنها تشعرنا بالتقصير تجاه شعراء آخرين فازوا بالجائزة مع وجود ما يوجب حجبها عنهم مما أشرنا إليه سابقًا.
يا تُرى ما مقاييس اختيار الشعراء والأدباء الذين فازوا؟
هل هي جودة الشعر وفنيته وحدها دون النظر إلى المنهج والأسلوب؟ إذا كان هذا هو المقياس، فهو مقياس لا يجيز أن تسحب جائزة من شاعرٍ لديه جودة فنِّية مهما سبَّ وشتم وأساء أم أن المقاييس تتعلَّق بفئات معينة، واتجاهاتٍ أدبية توافق اتجاه اللجان المتخصصة، بصرف النظر عن جودة الشعر، أو سوء المنهج والأسلوب؟
فإذا كان هذا هو المقياس، فإن الجائزة بمجموعها تحتاج إلى إعادة نظر؟ إنَّ مراجعةً واعيةً جادَّة لما ورد في إنتاج بعض من فازوا بالجائزة من عبارات ومصطلحات تتجاوز حدود ما يجب علينا من آدابٍ نحو ديننا الإسلامي الحنيف، ومبادئه، ومعاني الإيمان به، وتمجِّد مظاهر التمرُّد على الثوابت، والخروج عما شرع الله، وتصف الدين وأهله بالتخلُّف والرَّجعية، والانغلاق، إنَّ تلك المراجعة توجب على القائمين على الجائزة سحب جوائزهم، كما سُحبت جائزة ذلك الذي نال من الشيخ زايد - رحمه الله - فهل يحدث ذلك؟
إنَّ كثيرًا من الأدباء والشعراء الذين يحملون الاتجاهات الحداثية المتطرِّفة، واليسارية، والميول (اللاَّ دينية)، ويحاربون بسبب الانحراف الفكري والعقدي عندهم كل ما يمُتُّ إلى الأصالة العربية، والقيم الإسلامية، والعادات القبلية الحسنة بصلة، إنّهم ينظرون إلى دول الخليج نظرةً دونيَّة (مصلحية)، وقد سمعنا بعضهم يسبُّون ويشتمون وهم ضيوف على هذه الدول، يجدون فيها الإكرام والعناية فما الذي يجعل هؤلاء أهلاً لمثل هذه الجائزة؟ ولماذا تتَّجه إليهم أصلاً مغلقةً أبوابها أمام آلاف الأدباء والشعراء المنتشرين في عالمنا الإسلامي الذين يختلفون اختلافًا واضحًا عن أصحاب تلك الاتجاهات الأدبية المتغرِّبة عن فكر أمتها وثقافة أوطانها؟
أسئلة تواردت مع هذا الموضوع، لا تحول بيننا وبين الإشادة بالخطوة الإيجابية التي خطتها جائزة العويس الإماراتية حينما سحبت الجائزة من رجلٍ أساء إليها، ولم يحفل بمشاعر الشعب الذي تنتمي إليه.
إشارة:


وكم صاحبٍ يُبدي لك الودَّ والرِّضا
وفي قلبه حقدٌ عليك دفينُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved