Wednesday 22nd December,200411773العددالاربعاء 10 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

أنقرة بين الأمل والسراب في الانضمام للاتحاد الأوروبي! أنقرة بين الأمل والسراب في الانضمام للاتحاد الأوروبي!
عبد الإله بن سعود السعدون (*)

ليتوانيا وأستونيا دولتان صغيرتان تقعان في أحضان بحر البلطيق هربا بسرعة من الطوق السوفيتي الذي جعلهما قياصرة البروليتارية المصيف السياحي لهم وبنفس السرعة تلقفهم الاتحاد الأوروبي ليشكلا آخر عقده الخامس والعشرين من أعضاء مجلسه السياسي ، والأمر مختلف أيضاً مع الشعب الدانماركي القليل في عدده والقوي بثقته بأن يكون له وجود واضح في أوروبا والعالم رفض وباستفتاء عام العائلة الأوروبية وفضل ان يعيش خارج السرب لوحده متمتعاً بحريته الاقتصادية وتصرفهم بقرارهم السياسي الحر.
أما تركيا في عهد الجمهورية العلمانية التي فرضت وجودها الأوروبي دون رغبة الشعوب الأوروبية قبل حكوماتها تحاول وباستماتة أن يرضى فقط الاتحاد الأوروبي للتفاوض معها كمشروع اتفاق للانضمام للنادي الأوروبي وكان يوم السابع عشر من ديسمبر الحالي يوماً تاريخياً بالنسبة لحكومة الرئيس أردوغان حين وقع اتفاقاً مشروطاً مع اللجنة الرئاسية للاتحاد بالتمهيد لانضمامها بعد عقد من الزمان وبشرط كما أكده رئيس وزراء هولندا بأن تكمل تركيا ملفها الأوروبي بالاعتراف بفرمان تركي جديد بقبرص اليونانية، وأبدى أردوغان باسم حكومته الليونة في إنهاء هذا الأمر بعد تعهد السيد كوفي عنان استعداده التام والفوري بإعادة جهوده للوصول إلى حل يرضي قبرص اليونانية والتركية وتعود جزيرة قبرص موحدة.
وجاءت أصوات الاحتجاج سريعة أيضاً من الشعب الفرنسي بعدم رغبته في استضافة تركيا في أوروبا إلا إذا اعتذرت للشعب الأرمني والذي يحظى بعطف كبير من الشعب والحكومة الفرنسية حيث يؤكد اللوبي الأرمني في فرنسا وله تأثير على الحكومة والبرلمان الفرنسي أن تركيا مع نهاية الحرب العالمية الأولى وتشكيل جيش التحرير التركي اجتاحت هذه الجيوش مناطق الأكثرية الأرمنية من شمال وشرق تركيا وقتلوا العديد من أبناء القرى الأرمنية وصادروا أراضيهم والخوف التركي يتلخص بما بعد الاعتذار لكل الى مطالبة السيد شيراك باسم الشعب الفرنسي بتقديم تعويضات مناسبة لكل أحفاد الأرمن الذين تتهمهم تركيا بقتل أجدادهم من قبل جنودها!
إن الحكومات التركية المتوالية خلال أربعين عاماً قد قدمت تنازلات عديدة من أجل إرضاء حكومات وشعوب أوروبا لاستقبالها في النادي الأوروبي فالمشكلة الكردية وجدت لها بعض الحلول وتم منح الحقوق الثقافية والسياسية للأقلية الكردية والتي تمثل 25% من سكان تركيا والتي تتمركز في الجنوب الشرقي منها والمواصل جغرافياً مع منطقة كردستان العراق ورئيس حزب العمال الذي يحارب من أجل انفصال منطقة الأكراد عن الوطن التركي وحكم بالاعدام بعد ان ساعدت الموساد المخابرات التركية في إلقاء القبض عليه في جمهورية زيمبابوي الإفريقية.
إن هوية تركيا العثمانية الإسلامية هي الكارت الأحمر الذي يرفعه كافة رؤساء الدول الأوروبية التي كانت في القرن الثامن عشر تحت النفوذ العثماني وعلى رأسها حكومة النمسا وشعبها يتذكرون جيداً تاريخ دخول الجيوش الإسلامية العثمانية أسوار فيينا وإنشاء أول مسجد في أكبر ساحاتها: إنه السبب المستتر لتمديد موعد دخول تركيا النادي الأوروبي الذي وصفه الرئيس أردوغان بأنه يخشى ان يكون هذا النادي للمجتمع الأوروبي المسيحي فقط وعند الرجوع لأرشيف العلاقات العثمانية الأوروبية تظهر أمور معوقة لهذا التلاحم التركي الأوروبي ابتداء من كسر سور القسطنطينية بحوافر خيول الخليفة الإسلامي محمد الفاتح وامتداد الفتح الإسلامي حتى أسوار فيينا!
ولا أعتقد بأن الكنيسة الأرثوثيكية والمسيحية عامة أن تنسى كنيسة أيا صوفيا وتحويلها الى مسجد من أكبر مساجد إسطنبول.
وجاء رد الفعل العربي والإسلامي عن هذا الاتفاق التاريخي الأوروبي متمثلا بتعليق عقيد ليبيا معمر القذافي حين قال إن وجود تركيا داخل المجتمع الأوروبي يشبه وجود حصان طروادة وماذا يخرج من هذا الحصان التركي سيعرفه الأوروبيون وانه غير مهتم أبداً لهذا الاتفاق..
هناك قوى سياسية ليبرالية تصر على ان تركيا أوروبية حتى ولو كان 95% من أراضيها تقع في آسيا وشعبها 99% يدين بالإسلام ومتمسك بتقاليده وعاداته الشرقية وهذه القوى المؤيدة لدخول المجتمع التركي العائلة الأوروبية تحظى بتأييد واسع من المؤسسة العسكرية المؤثرة في الفترة الحالية. ومما لا جدل فيه ان اقتصاد تركيا الزراعي سيزدهر لسعة السوق الأوروبية التي ستستقبل منتجاته بأفضلية مما يحقق ارباحاً مميزة للمزارعين الاتراك وكذلك تنشط حركة تدفق العمالة التركية بشكل أكثر من الآن الى أوروبا علاوة على العمالة الحالية التي تصل الى مليوني عامل تركي في ألمانيا لوحدها! وبدخول عالية بالمقارنة بالعمالة داخل تركيا التي تعاني من البطالة الموسمية.
إن الذي اخشاه ان تركيا تسلق بيضاً أوروبياً فاسداً يضيع معها الوقود والوقت معاً.

(*) محلل إعلامي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved