قرأت الموضوع المنشور عن المنتخب في عدد أمس الأحد مرة ومرتين وثلاثا ، وفي كل مرة ازداد يقيناً أن المحرر الرياضي الذي كتب الموضوع أغاظته الهزيمة الأخيرة ، فتحدث عن السلبيات وركز عليها وعظَّمها وأغفل الإيجابيات تماماً .. شخصياً مقتنع أن من كتب الموضوع دافعه الغيرة الوطنية ومقتنع أيضا أن (الجزيرة) صحيفة راقية ، تضم مجموعة من أفضل الصحافيين علما ومهنية ، ولكن كما أن (للمحرر الرياضي) رأيه الذي نحترمه ونقدره فإن لي رأياً آخر ، هذا الرأي الذي جعلني أعود للكتابة الرياضية وهي عودة مؤقتة وربما تكون أخيرة أو هي كذلك ، فليسمح لي إخواني وأعزائي القراء بإبداء وجهة نظري المضادة تماما لوجهة نظر الأمس .. سأناقش الموضوع نقطة نقطة ، ولنبدأ باستعراض الخسارة الثلاثية التي بدئ بها الموضوع ، فقد ذكر أن المنتخب تهاوى من اليابان للصين لقطر .. نعم هي ثلاث خسائر مُرَّة ، ولكن لماذا تم إغفال ما بين هذه البطولات ؟ ، ألم يَفُزْ المنتخب بكأس الخليج في الكويت واضعا حدا لخسائرنا ، وملغيا قصة الأربعة الشهيرة في الثالثة وليعود للرياض بكأس أصعب البطولات وأكثرها شراسة .. ألا تشفع هذه البطولة (مثلا) أن نقول إن اتحاد الكرة تجاوز كبوة اليابان ؟
ألا يشفع تأهلنا للمرحلة الثانية في تصفيات كأس العالم وترشيحنا للوصول للمونديال لرابع مرة ، أن يكون في ذلك نجاح لاتحاد الكرة الذي أصبح مشجبا لكل إخفاق .. أو خسارة أو تدهور ناد ما أو لعبة ما ؟!
أما الحديث عن لجنة التطوير فأعتقد أن هنالك من اتخذ من هذه اللجنة وسيلة للإساءة لرعاية الشباب واتحاد الكرة ورجالاته ، وهنالك آخرون اتخذوها عصا لجلد الذات بطريقة تقلل من إنجازاتنا ومكتسباتنا .. أما هدف هذه اللجنة فهو أسمى وأرقى من ذلك بكثير ، ويكفي أن رجل الرياضة الأول الأمير سلطان بن فهد أحد أهم أعضائها ، وما زلنا ننتظر أن تساهم هذه اللجنة في تذليل العقبات التي تعترض طريق التطوير ، ونحن متفائلون بها كثيراً فهي تمثل دعما للرئاسة لا عقبة في طريقها كما يحاول بعض المتربصين تصويرها.
أما الحديث عن الإصلاحات فكأن الكاتب أراد فصل فئة الرياضة والشباب من المجتمع السعودي وتوجه الحكومة الرشيدة للإصلاح ، وهذا ما يسير عليه الوطن كله لا جزء منه كما حاول الكاتب تصويره ، أما الكلام عن أم الهزائم والنكبات والتي صور بها خسارتنا من البحرين (0 - 3) ، فإنني أتفق معه أنها خسارة كبيرة لم يصمت عليها اتحاد الكرة ، وأعتقد انه اتخذ قرارات تتناسب مع هذه الخسارة في اجتماع الاثنين بجدة .. وكنت آمل من الكاتب أن يتفاءل أو ينتظر ليعلِّق على ما يتخذ من قرارات وكيفية تعامل الاتحاد مع الخسارة ، ليكون الرأي موضوعيا.
أما الكلام عن المكتسبات وإهدارها ، فأود أن أقول إن التاريخ وحده كفيل بالمحافظة على هذه الإنجازات الموثقة في سجلات الإنجازات الذهبية للكرة السعودية التي تحققت بالتعب والجهد والسهر ، ولا يمكن أن تلغيها خسارة مباراة أو مباراتين أو حتى ثلاثون بطولة.
أما تطور الآخرين في مقابل تقهقرنا ، ففي ذلك أتفق مع أخي المحرر الرياضي وبنسبة كبيرة جداً ، ولكنني كنت أتمنى عليه لو شرح أسباب ذلك ، لو تطرق كيف يصرف الآخرون على رياضتهم وأنديتهم وكيف نقتِّر نحن عليها ، لو تحدث كيف استعدت منتخبات الخليج وكيف استعد منتخبنا الذي عجز عن تأمين لعب مباراة كبيرة لعدم تأمين المال ، كنت أتمنى لو استعرض ميزانيات أندية خليجية قريبة لنا وقارنها بميزانية منتخب بحجم المملكة العربية السعودية ، لاشك سيفجع فالأندية القريبة يصرف عليها ولها أكثر مما يصرف على المنتخب صاحب الإنجازات الأعلى في منطقة الشرق الأوسط ، وسيستمر تقدم الآخرين وبقاؤنا في مركزنا إذا لم نتنبه لما يحدث وما يصرف وما نقدمه نحن لأنديتنا ولكرتنا الخضراء.
أما مطالبة أخي العزيز بالصراحة والوضوح والموضوعية لنعود كما كنا ، فأنا أتفق معه في ذلك ولكن هذا وحده لا يكفي إذا لم يتفاعل الآخرون مع توجهاتنا وخططنا بدعمها ماليا ومعنويا .. أما الحديث عن الانتخابات لاختيار مجلس إدارة اتحاد الكرة فذلك أمر محمود ، ولكن نحن ما زلنا سنة أولى انتخاب ومتى ترسخت ثقافة الانتخابات فأهلا بهذا التوجه ، ولكن ألا يعلم الكاتب أن الظروف المالية القاهرة التي تواجه الأندية والاتحادات دفعت الكثيرين إلى الابتعاد لعدم قدرتهم على أداء أدوارهم وفق إمكاناتهم الفكرية لعدم قدرتهم ماليا.
أما حديثه عن إدارات الأندية وإدارة الاتحاد فإنه بذلك ظلم التاريخ وتجنى عليه ، فكل ناد له محبوه يقفون خلفه ويدعمونه ويخفق وينجح ، وبكل أمانة لو قارنا اخفاقات الأندية مع المنتخبات لكانت الغلبة للمنتخبات ، يؤسفني أن أذكر ذلك ولكن لنعكسها لتتضح المعادلة ، فماذا لو استعرضنا إنجازات الكرة السعودية في العقد الأخير لوجدناها مذهلة ، كبيرة وعظيمة ومفخرة لكل عربي ومسلم ، وحين تحدث الكاتب عن فصل الاتحاد عن الرئاسة تمنيت لو شرح لنا كيف وماذا سيحدث ؟
كنت أتمنى لو أخبرنا عن الوظائف المعتمدة في الاتحادات ، وهي بالمناسبة لاشيء فجل الأعضاء متعاونون وهنا نعود للاعتمادات المالية واستحداث الوظائف ، فالأعمدة الأساسية للاتحادات يمثلها موظفون في الرعاية من سكرتارية وفنيين ، أما الأعضاء فأغلبهم متعاونون .. وأنا حقيقة أرى لو أن رؤساء اللجان المهمة في اتحاد الكرة كالفنية والاحتراف والحكام متفرغون لأدوا عملا أفضل مما يقدمه زملاؤهم الحاليون المرتبطون بأعمالهم ومشاغلهم ، ولكني أعود وأؤكد أن الفصل فيما لو حدث سيزيد من التعقيدات ومن البيروقراطية المميتة لكل قرار يحتاج لسرعة التطبيق ، أما مطالبته بالتخلي عن القناعات البالية ففي ذلك اتهام عائم لا يمكن التحاور بشأنه ، طالما لا توجد أدلة لدى زميلي صاحب الرأي .. أما مطالبته بتغيير الاتحاد فإننا كلنا نعلم أن المدة الزمنية المحددة في لوائح الرئاسة العامة لرعاية الشباب للاتحادات هي أربع سنوات ، وأمام الاتحاد الحالي فترة زمنية قصيرة يكمل خلالها المدة القانونية ، وقد أعلن ذلك الأمير سلطان بن فهد أكثر من مرة أن كل الاتحادات سيعاد تشكيلها ، ولن يكون لهدف المرزوقي أو طرد نور دور فيما سيحدث وإلا لقلنا على رياضتنا وكرتنا السلام.
أما حكاية (الهروب إلى الأمام) فهذه العبارة تعني أن الشخص يهرب من مشاكله ويتركها خلفه لتلحقه مستقبلا ، وذلك وبكل أمانة وواقعية لم يحدث مطلقا فها هو الاتحاد يجتمع ويستمع ويقرر ، ويبقى دورنا كمنتمين لهذا الوطن بضرورة دعم كل ما من شأنه مصلحة هذا الوطن ورقيه وتقدمه ، ولنفعل دورنا في تثقيف منسوبي الأندية لاختيار إدارات واعية ومدركة لدورها ؛ لتساهم في دعم الاتحاد بدلا مما نشاهده الآن من بعض مسؤولي الأندية بمحاولاتهم المريبة - وغير المستغربة - لإثارة البلبلة ومحاولاتهم البليدة لكسب شخصي على حساب المصلحة العامة .
وفق الله الوطن وقياداته ورجالاته ليبقى كبيراً وعظيماً ومنتصراً - بإذن الله - ولأحبائي في (الجزيرة) ولأخي المحرر الرياضي أقول مرة أخرى: إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ، وكونوا كما عودتمونا عوناً للوطن واشكروا وادعموا وآزروا رجل الوطن والرياضة والأدب سلطان بن فهد.
رياضي / جدة |