القرار الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم والذي يقضي بمنع استخدام العقاب البدني في مدارسنا كان قراراً مثيراً توقف الكثير عنده لحظة صدوره وأدلوا بآرائهم وتصوراتهم نحوه وخصوصاً التربويين منهم وتحامل الكثير حول الوقت الذي صدر فيه القرار خصوصاً أنه كان بعد فترة ليست بالقصيرة استخدم فيها العقاب البدني كأداة للتهذيب، فهل قرار مثل هذا يعد مدعاة للنقاش والجدل لهذه الدرجة التي تجعل الكثير ممن هم في حقل التعليم يتحسف على صدور القرار؟ والبعض يؤيد؟ ثم ما هو البديل إذن عندما يمنع استخدام العقاب البدني؟ وهل البديل يكفي كذلك لتقويم وتهذيب سلوك طالب في مدرسة من المدارس؟
هذا القرار المثير قد صدر وعمل به وشدد كذلك في المتابعة عليه والحرص الشديد على تطبيقه بحذافيره ولربما الفترة التي عشناها منذ صدور القرار حتى اليوم تعتبر غير كافية لقياس آثار قرار تاريخي من هذا النوع، ولكن هناك بوادر تلوح مبكراً عن آثاره الإيجابية والسلبية، ولعل من أهم الآثار الإيجابية هو ظهور الطلاب بمظهر الثقة وعدم الخوف وكذلك الراحة النفسية والقرب الأكثر من المعلم واعتباره بمثابة الأخ أو الصديق وهذا جيد، ولكن ما هو سلبي في القضية هو التكاسل والتقاعس من الطلاب عن التحصيل الجاد وهذا بات ملحوظاً حتى على مستوى الجامعات مما أدى إلى تدني مستوى التحصيل العلمي والدراسي والأهم من ذلك كله هو تندي احترام المعلم أو انعدام علاقة الاحترام للمعلم وهو الأهم فعلاً. فالمنطق يقول (إذا لم تحترم معلمك فأنت لن تستفيد منه على الأقل) لربما يقول البعض هنا دور المعلم يجب أن يختلف في ظل وجود وسائل حديثة للتعلم ولكسب محبة وثقة الطالب هذا صحيح ولكن ما هو غير صحيح هو عدم وجود العقاب الرادع للطالب الذي يسيء التعامل مع معلمه فهل لائحة السلوك تحميه أم يجب أن يكون هناك عقاب أقوى وأردع فعلاً، فمثلاً يمكن التعاون مع دور الملاحظة الاجتماعية لتهذيب سلوكيات الطلاب.
أخيراً مُنع استخدام العقاب في مدارسنا ونأمل أن نجني جيلاً واثقاً متسلحاً بالمعرفة والعلم وهو الأهم فلا يعني منع العقاب هو بمثابة ترك التحصيل العلمي الجيد وهو الأهم وأكثر أهمية الحصول على علم ينتفع به طالب الغد الذي كانت الاختبارات شبحاً مخيفاً له واليوم التقويم المستمر طريق النجاح المحفوف بالورود. كل التوفيق لأبنائنا الطلاب وكل الشكر لمعلمينا الأفاضل وكل الحب والوفاء لوطننا الحيبب.
توفيق محمد غنام/ الدمام |