في شهر رمضان الماضي، وجهت جريدة الجزيرة نداءً إلى كل من يحمل فصيلة الدم النادرة (B-) لكي يتبرع بدمه إلى أحد المرضى المحتاجين لهذه الفصيلة، وذلك لعدم توفرها في المستشفى الذي يرقد فيه. وعندما انتهيت من قراءة هذا النداء، تذكرت حالتي قبل سنة حيث تعرضت لموقف مشابه، حيث كانت إحدى قريباتي على وشك الولادة، وكانت فصيلة دمها نادرة. ولخشيتي من عدم توفر هذه الفصيلة في المستشفى الذي ستلد فيه، طلبت منها الاستفسار من الطبيبة عن مدى توفر دم من نفس الفصيلة في حال احتاجت إليه. وكان جواب الطبيبة مزعجاً لي ولقريبتي، حيث كان الدم المتوفر بالمستشفى من نفس الفصيلة، لا يزيد عن كيسين إلى ثلاثة أكياس، وقد أدركت متأخراً خطئي حين طلبت من قريبتي أن تسأل هذا السؤال، حيث توترت أعصابي، وتسببت من حيث لا أدري في توتير أعصاب قريبتي التي كانت على وشك الولادة. ولكن الله سلم ولم تحتج هذه القريبة إلى نقطة دم، حيث تمت الولادة بيسر وسهولة. هذا الموقف الذي مر بي والذي لا أنساه، جعلني لحظتها أتساءل بمرارة عن السبب في عدم وجود بنك وطني للمعلومات، يتضمن نوعية فصيلة كل مواطن، بحيث يتم تحديد الأشخاص الذين يحملون فصائل دم نادرة وأخذ عناوينهم، والكيفية التي يمكن الوصول إليهم من خلالها، وذلك للاستفادة منهم في الحالات المرضية الطارئة التي لا تقبل التأجيل.
ومن وجهة نظري أن الفرصة كانت مهيأة للبدء في إنشاء هذا البنك، في التعداد السكاني الأخير، فقد كان المجال متاحاً لإضافة حقل خاص بفصيلة دم رب الأسرة وبقية عائلته، مما كان سيجعل الاستفادة من العنصر النسائي ممكناً، في عمليات التبرع بالدم خاصة في حالات الضرورة، بدل أن يهمل هذا العنصر الذي يمثل نصف المجتمع، حيث لم يسبق لي أن شاهدت أو سمعت أن هناك امرأة تبرعت بدمها، أو أن هناك امرأة حصلت على ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة، لتبرعها بدمها عشر مرات.
كما أنني أعتقد أن وجود بنك وطني للمعلومات، سيجعل الاستفادة ممكنة من صغار السن والشباب، الذين يحملون فصائل دم نادرة، حيث الذي أعرفه أن معظم المتبرعين بالدم هم ممن تجاوزوا سن الثلاثين. كما أنني أعتقد كذلك أن في إنشاء بنك وطني للمعلومات توحيداً للجهود، وأيضاً تسهيلاً للاتصال بأصحاب الفصائل النادرة، خاصة إذا رافق ذلك حملة إعلامية، وتحديثاً دائماً للمعلومات الخاصة بكل مواطن.
همسة:
عند إنشاء بنك وطني للمعلومات، فالواجب يقتضي أن تتم مكافأة المتبرعين من أصحاب الفصائل النادرة، في كل مرة يتبرعون فيها بدمائهم، على أن تكون المكافأة مجزية، لسببين الأول: لحثهم على التسابق في التبرع عند الاتصال بهم، والثاني لحثهم على تزويد البنك بهواتفهم وعناوينهم الجديدة في حال تغير شيء منها، وأظن أنهم يستحقون ذلك وأكثر، فالكثير منهم ودون مكافآت كان له دور في إنقاذ حياة إنسان في يوم ما.
علي بن زيد القرون
حوطة بني تميم |