Tuesday 21st December,200411772العددالثلاثاء 9 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

أنسنة الإنسان بعيداً عن النظريات العاجية أنسنة الإنسان بعيداً عن النظريات العاجية
حسين أبو السباع

قضية أنسنة الأشياء شغلت حيزاً كبيراً في مكتبتنا العربية.. ودون الخوض في التأريخ مَنْ أول ومَنْ آخر، نلمح مباشرة أن الجميع حاولوا جهدهم لأنسنة الأشياء واستنطاق الجمادات والحيوانات.. وجاءت الحكمة على ألسنة الكثير منهم.. فالقرد يتكلم والأسد يتكلم والشجرة تكون كشاهد عيان لقصة ما لتروي الأحداث بدلا من الأبطال السلبيين .
لم يلجأ أحد إلى إعادة محاولة أنسنة الإنسان بعيداً عن النظريات العاجية.. بمعنى أن نحاول الأنسنة بالنزول إلى الواقع وترويض الوحش الكامن داخل الذات الإنسانية.. كفانا أن نُنظِّر ونضع الأطر حول النظرية ونملأ الكتب لنتقيأ ثقافات مختلفة فوق الأوراق على القارئ المسكين الذي يلعب دور البطل السلبي في الرواية الإنسانية.. فالمتلقي هنا هو موضوع البحث، فلا يمكن أن نجعل النظرية منفصلة عن التطبيق وإلا تستحيل - أي النظرية - كلاماً فارغاً لا يحمل منطقاً مقبولاً.. كل هذا ما حدا بالكائن البشري الذي يحمل لقب (إنسان) أن ينتظر لعل القطة التي تحوم حول منزله أن تنطق يوماً وترشده لطريق الحكمة، أو يأتي (بابا نويل) ليدق بابه مساء ليلة (الكرسماس) ليهبه الهدايا.
كفانا أن ننتظر وعلينا أن نخطو الخطوة لإيجاد الإنسان الحقيقي الذي خلقه الله خليفة له على الأرض.. الإنسان بطهره ونقائه، ولا علينا من غضب الغاضبين أو إساءة المسيئين ممن يخطئون في حقنا ولا نرد الإساءة إليهم بمثلها، ويحسبون هذا ضعفاً، وإنما هو منتهى القوة.. ولا نلتفت في المسيرة إلى الذين ينبحون حولنا ليخيفونا من مجرد الإمساك بالقلم والكتابة إلى الناس إلى الإنسان الكامن داخل الوحش المستبد.. المحارب.. القاتل.. قبل أن نكتب ونستنطق الحيوان لابد ان نستنطق الإنسان. ورغم هذا الكلام إلا أني لا أعيب فكرة استنطاق الأشياء.. فالعيب أن ننتظر الأشياء تتكلم لتعبر عن ذواتنا، فلعلها تحمل الرمز ولعلنا بها ننجو من زلات اللسان الصادق حين ينوي ان يقول الحقيقة.. قد حدث العكس وتكلمت الأشياء قبل الإنسان، فمتى يتأنسن الإنسان ويتكلم ليقول الحقيقة؟!
هذا هو السؤال بعيداً عن النظريات العاجية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved