في الحي الذي أسكن فيه زارني في البيت أحد العاملين في المجمع التجاري القريب منا.. (وكان من الجنسية الشرق آسيوية) جاء مودعاً.. لأنه سيغادر إلى أهله ولن يعود.
سألته وأنا أسكب له كأساً من الشاب عن عدد السنوات التي قضاها في السعودية فأجاب مبتسماً (أنا في عسرين سنة هاد سئودية والحمد لله كلو نفر كويس. وأنا أبقا روه بابا ماما وهادا بزوره).
بصراحة.. تعجبت جداً من هذه الإجابة، ومن هذه اللغة الغريبة التي سوف يعود بها إلى أهله..
عشرون سنة أمضاها في مجتمعنا، ولم يتعلم فيها لغتنا بصورة واضحة وصحيحة.
ولكن هذا التعجب لم يطل، وعلامات الاستفهام التي قفزت أمام عيني بدأت بالاختفاء.. حين بدأت أتذكر اللغة التي نخاطبهم بها في واقعنا..
فحين ندخل على صاحب المغسلة، ونعطيه ملابسنا نقول له: (لازم كلاس بدري صديق) أو (متى إنتا في سكر مغسلة) ونقول للذي يغسل لنا السيارة (اسمع صديق، إنت لازم غسيل كويس) واذا بدأنا نصف لأحدهم مكاناً ما، نقول له (إنتا في روه أكر شارع بعدين فيه لف يسار.. معلوم!!!).
تلقائياً نتبرمج مع هذه اللغة بمجرد مخاطبة أحدهم.. وأنا أجزم أنهم سيفهمون كلامنا، وسيعلمون مرادنا لو خاطبناهم بلغتنا المعتادة.
ثم قررت في داخل نفسي إنني سأحدثهم بلغتي دون الحاجة لأي هذه التكسيرات الغريبة.
وهنا.. استأذن هذا الزائر، وأراد الخروج، وبلا شعورٍ مني وبلا تفكير قلت له: (يله صديق أنتا في يوصل بالسلامة).
|