مجلس التعاون.. النموذح وآلية العمل الجماعي

ليس الخليجيون وحدهم هم الذين يبدون الحرص على مجلس التعاون الخليجي لكن التجربة تحظى باهتمام عربي، خصوصاً في هذا الوقت الذي باتت فيه المنطقة العربية تتناهبها الاطماع الواضحة، بل وتمتد اليها الأيدي بطريقة مباشرة للتأثير في مجريات الامور فيها.
هذا الحرص على المجلس يلقي مسؤولية مضاعفة عليه، فهو مطالب بالتجاوب مع تطلعات وآمال شعوب تنتشر في مساحة واسعة، صحيح أن المجلس سيركز على ترتيب بيته الداخلي المتكون من مجموعة الدول الست، لكنه منذ انطلاقته قبل عقدين ونصف العقد من الزمان حرص على التأكيد على أن الهم العربي العام هو ضمن اولوياته.
اما سبب التعلق العربي بالمجلس فإنه ينبع من، المآلات غير المشجعة للعمل العربي المشترك، ومن ثم فإن التجربة الخليجية تحمل بعض الأمل في امكانية تحقيق قفزات إلى الأمام في الاطار الاقليمي الخليجي من خلال النهوض بالتعاون المشترك مستغلة، في ذلك، تماثل البنيات الاساسية في الحكم والاقتصاد والادارة بين الدول الست، خاصة وأن هذه المزايا ستعمل معاً لخلق واقع جديد في المنطقة يصلح للاقتداء به في بقية الاقاليم العربية.
الاوضاع الحالية تحتم أن تبرهن هذه التجربة على أنها جديرة بكل هذا الاهتمام المحلي الخليجي والاقليمي العربي، فالتوقعات في البدء تتعلق بالتجاوب مع أمنيات وتطلعات المواطن الخليجي في كل ما يمكن أن يحقق المواطنة الكاملة.
ومن ثم فإن الهم السياسي يظل الاكثر الحاحاً في ظروف احتلال العراق واستمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، وفي ظل تداعيات كل هذه الاحتلالات، تتواتر، وفق تصور استراتيجي للقوى المحتلة، المحاولات لتوسيع دائرة نفوذ الاحتلال بحيث تتجاوز مجرد السطوة العسكرية، في العراق وفلسطين، إلى تغطية كافة مناحي الحياة لتشمل الاقتصاد والتعليم والاعلام وغيره من المناشط الحياتية.
أي أن القوى المسيطرة ترنو إلى مجال حيوي واسع لانشطتها من خلال محاولة تمرير مرئياتها، والسعى إلى الانفراد، وفق ترتيبات ثنائية واتفاقيات، بكل دولة على حدة، بما يخل بالعمل الجماعي ويصرف الجهود عن المزايا التي كان يمكن أن تتحقق من خلال العمل المشترك.
وسيكون من المهم أن تتصدى قمة زايد في المنامة لأي اخلال بآليات العمل الجماعي في اطار مجلس التعاون، والتأكيد على أهمية التعاطي مع الكيانات الاخرى بالشكل الجماعي الذي من شأنه ضمان المصلحة المشتركة للدول الست، خصوصا وأن الكيانات الأخرى تحرص هي ذاتها على صيغة التحرك الجماعي، حتى وإن كانت الولايات المتحدة تتحرك وحدها، لكنها وبمقاييس اليوم تبدو وكأنها كتلة قائمة بذاتها بسبب ما يتوفر لديها من قوة اقتصادية وعسكرية هائلة.