الحضور العربي والدولي لمجلس التعاون

يكتسب العمل في مجلس التعاون أهميته وفاعليته من درجة التنسيق بين دوله الست، وبالدرجة التي يكون عليها هذا التنسيق فإن مكاسب جمة يمكن ان تتحقق، خصوصا وان الوجود الجغرافي - السياسي للدول الست يضعها دائما في حال الترقب واليقظة لجملة اعتبارات ترتبط بهذه الوضعية الاستراتيجية، ومن إفرازاتها وقوع ثلاث حروب كبرى في اقل من عقد ونصف العقد من الزمان.. وستظل للعمل المشترك ضرورته ووجاهته ما ظل هذا المجلس قائما، وما يؤكد ذلك، كما ذهبنا الحساسية الاستراتيجية للمنطقة، التي تجعل منها واحدة من اسخن مناطق العالم، فهي إلى جانب المشاكل السياسية القائمة، فإنها ستظل لسنوات أخرى قادمة المصدر الرئيسي للطاقة في العالم باحتوائها على اكثر من ثلث الاحتياطي الدولي المنظور للنفط في العالم.
صحيح أن مجلس التعاون لا يزال يحاول تحقيق أسس الانطلاقة الفاعلة للعمل المشترك، والتي هي بالأساس اقتصادية، لكن الصحيح أيضا أن التعجيل بترسيخ تجارب السوق المشتركة والعملة أمر يستوجب كل جهد ممكن حتى يمكن التعاطي مع الكتل الدولية الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتجمعات الآسيوية بذات الندية. إن المكاسب المنظورة للعمل المشترك الذي ينطوي على تنسيق كامل تؤكد أهمية طي المراحل وصولا إلى الكيانات الاقتصادية والتجارية التي يمكن من خلالها التعاطي مع الآخرين بفاعلية اكبر، هذا فضلا عما يمكن ان يتحقق على الصعيد الداخلي على مستوى الدول الست من تفعيل لحرية العمل والاستثمار بالطريقة التي تواكب طموح المواطن الخليجي ومن ثم تسهم في تعميق المواطنة الخليجية.
وستظل لتجربة مجلس التعاون أهميتها القصوى في محيط عربي دلل طوال سنوات على العجز حتى على الارتقاء بأبجديات التعاون الاقتصادي بما في ذلك تدني التجارة البينية بين الدول العربية، ولهذا ولغيره فان الإصرار على إحراز نتائج متقدمة من تجربة مجلس التعاون هي اكثر من مهمة، من منظور عربي، وعلى كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية وحتى النفسية التي تتمثل في زرع الأمل بإمكانية الحصول على نتائج طيبة وقوية من هذه التجربة العربية..
والتأكيد على ان الفشل ليس لازمة عربية.. بالقدر ذاته يمكن التعويل على إحداث اختراقات قوية مرجوة من قبل الدول الست باتجاه مخاطبة المصاعب السياسية بما في ذلك الوضع في العراق والقضية الفلسطينية، وبقية مناطق الأزمات على الساحة العربية، وذلك اعتمادا على الثقل الذي تتمتع به الدول الست والحضور المرموق لها في دوائر الاقتصاد والسياسة على نطاق العالم.