Monday 20th December,200411771العددالأثنين 8 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
دفء الهزيمة
عبدالله بن بخيت

عندما شاهدت اللاعب الذي يلبس الفانيلة رقم أربعة عشر المصطف في الحيطة أمام ضربة الفاول البحرينية التي انتهت إلى هدف تذكرت على الفور ثمانية ألمانيا. فهذا اللاعب كان يمكن أن يتصدى للكورة ولكنه فضَّل أن يلتف ويتفرج على الكورة وهي تتجه إلى المرمى. لا أعرف هل كان تصرفه سليما من الناحية الفنية أم لا ولكن إذا أخذت وجهة نظري فهو كلاعب وقف في الحيطة عليه أن يتصدى للكورة. بعد ثمانية ألمانيا تشكلت عدة لجان وطرحت مئات المقترحات ونوقشت المشاكل بكل الأساليب البلاغية المتاحة وانتهت حفلة ألمانيا الخطابية لنبدأ الآن حفلة الخليج. لا أظن أني قادر على مناقشة الأسباب الفنية التي أدت إلى هزيمة المنتخب السعودي في لقائه مع البحرين فأنا لا أفهم في الكورة كثيراً. هذا ليس من باب التواضع أو من باب التهرب من الحديث في الكورة كعمل غير مثقف ولكن لأني بالفعل لا أفهم كثيراً في التفاصيل الدقيقة التي تطورت إليها الكورة. فأنا أهتم بالكورة وأتفرج عليها من باب المتعة وفي الوقت نفسه لا أتابع التحليلات والدراسات المتعلقة بالموضوع فمعلوماتي ومصطلحاتي توقفت عند أيام طقها والحقها (دبل كيك وسنتر هاف وسنتر فرود) وغيرها من المصطلحات المهجورة. الحقيقة أثارني هذا الشاب كثيراً. لماذا أدار ظهره للكورة ولم يتصدى لها. ما الذي يمثله هذا الشاب بالنسبة للشباب السعودي الآخر. هذا التصرف لا يمكن أن يعبِّر عن حالة فردية تمثل اللاعب وحده. فهو لا شك من خيرة اللاعبين وأكثرهم شجاعة وإشراكه في المنتخب الوطني يدل على ذلك .. ما الذي تعنيه الهزيمة بالنسبة له. لاحظت في أكثر من مناسبة أن اللاعب السعودي في المنتخب لا يعرف كيف يتعامل مع اللحظات الصعبة .. يفتقر إلى ما يمكن أن أسميه البأس. يتألق في الرخاء وينهار في الشدة أو تحت الضغوط المتواصلة. فمنذ أربعة الكويت في دورة الخليج الثالثة وحتى يومنا هذا يتنامى لدي أحساس أن لاعبي الكورة في المملكة يعانون من حالة من الرخاوة العامة أشبهها بالحالة التي تنتاب الولد المدلل الذي أفسدته أمه بالحماية. اللاعب السعودي لا يحمل الشحنة القتالية الكافية ليكون في مقدوره تحمل الضغوط واللحظات الصعبة. يلعب في الملعب وكأنه خالٍ من المبادرات الشخصية. يلعب بطاقة معيَّنة تم شحنه بها من الخارج فإذا انتهت توقف عن العطاء لأنه لا يملك القدرة على إنتاج الطاقة الذاتية. أرجو ألاّ يُفهم أني أحمِّل اللاعبين مسؤولية التردي في الدورة الأخيرة أو حتى ثمانية ألمانيا. فأيُّ عمل جماعي لا يتحمل أفراده أيّ مسؤولية عن الإخفاق الذي قد يصيبه. الإخفاق الجماعي مسؤولية القيادة. تلك الإدارة التي تخطط وتضع الإستراتيجيات مضافاً إليها القيادة التنفيذية .. فاللاعب المخفق في المنتخب ليس إلاّ المنتج الأخير للتخطيط الإستراتيجي والتنفيذي. بعد أن أدار الشاب ظهره للكرة وراح يتفرج مع المتفرجين سألت نفسي ما الذي حدث من تغيرات منذ ثمانية ألمانيا حتى يومنا هذا. هل تغير مفهوم النوادي الرياضية .. هل تم إعادة النظر في الاتحاد السعودي لكرة القدم ؟. ثمانية ألمانيا لم تمح من النفوس بل أصبحت جزءاً من الإرث القتالي الذي ينتاب اللاعب السعودي عند الملمات فإذا تقادمت ستختفي في اللاشعور الجماعي وتصبح ملاذاً آمنا عند الصعوبات. ما يمكن أن أسميه (دفء الهزيمة).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved