Monday 20th December,200411771العددالأثنين 8 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الحبر الأخضر الحبر الأخضر
رجال في رجل.. كلهم عطاء في بياض
د. عثمان بن صالح العامر

ودعت الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة حائل مساء البارحة ابن المنطقة البار الدكتور رشيد بن فهد العمرو الذي عمل في مجال التربية والتعليم خمسة وثلاثين عاماً بدأها معلما عام 1390هـ ثم موجها للغة العربية ثم مديرا للشؤون الفنية وفي 29-6- 1405هـ كلف مديرا للتعليم ثم مديرا عاما للتربية والتعليم بمنطقة حائل وظل أبو عبدالعزيز عطاء بلا حدود حتى 1-7-1425هـ إذ صدر قرار معالي وزير التربية والتعليم بتكليفه مستشارا في مكتب معاليه.
إن هذا الرجل الإنسان علم من أعلام التربية والتعليم في حائل المنطقة ورائد من رواد الحركة الأدبية والثقافية في هذا الجزء الغالي من بلادنا الحبيبة، فهو منذ أن تأسس النادي الأدبي بمنطقة حائل عام 1415هـ وهو رئيس له.. كما أنه كذلك سباق في مجال الخير والعمل الاجتماعي وضع بصمته الأولى في هذا المجال التطوعي قبل خمس وعشرين عاما إذ كان من مؤسسي جمعية البر الخيرية في حائل وعضو مجلس إدارتها ثم نائبا لرئيس مجلس الإدارة منذ عام 1409هـ ويعتبر أبو عبدالعزيز كذلك مؤسس التعليم الأهلي في المنطقة.. لقد جمعتني مع هذا الرائد بما تحمله هذه الكلمة من دلالات، لقاءات ورحلات فعرفته عن قرب وقرأته عن كثب إنه قوي في إيمانه، عميق في أحاسيسه، حكيم في قراراته، صادق في مشاعره، عظيم في أدبه، جم في خلقه، يملك ثقافة واسعة، ومعرفة متنوعة، عنده سعة أفق، وحسن رؤية يجمع بين ملكتي الحفظ والفهم ويقيم عليهما تفكيره التحليلي العميق.. يتحدث بصمت.. ويقرأ الواقع من خلال معطيات الأحداث ويأمل بالمستقبل عبر بوابة الماضي.. وطنيته تدفعه دوما إلى المشاركة الفاعلة في جميع المناسبات التي تحتضنها المنطقة.. ومحبته تجعله يعيش للآخرين ومن أجل الآخرين، له باع واسع في الوقوف على الأطلال.. يعرف هذه الأرض التي كثيرا ما جابها شمالها وجنوبها، شرقها وغربها.. يعرفها بجبالها ووديانها، بسهولها وتلالها، بأسمائها وأشعارها بل وحتى بقصصها وأخبارها ومن قبل ذلك كله بمعلميها ورجالها.. يقول لي ونحن في طريقنا إلى المدينة المنورة برا.. هنا تحت هذه الشجرة كان غداؤنا.. وفي ذلك المكان البعيد كان مبيتنا، كان معي والدك رحمه الله وكانت ليلة شديدة البرد.. وبعد مسافة يلتفت يمينا يتذكر أيام العمر المنصرم، يحكي لي ما مر به من معاناة.. لقد عاش أبو عبدالعزيز للتربية والتعليم فسطر له فيه تاريخا زاخرا بالعطاء حافلا بالإنجازات، يشهد لخطواته المباركة كل شبر على أديم أرض حائل المنطقة ويعترف بفضله وحسن عمله الأوفياء الذين ينسبون الفضل لأهله بعد الله.. يقول عن أحدهم: عاشرته طيلة عقدين من الزمن كان معلماً وموجها برهن على أن الحياة لا تحتمل غير العطاء فكان عطاؤه بلا حدود لأن قلبه اتسع للجميع
ويقول الآخر: رشيد العمرو - هكذا بلا مسميات وتصنيفات رسمية - هو بالنسبة لي وللكثيرين ممن تعاملوا معه يحمل أجمل الصفات وأصدق وأنبل التسميات هو - كما عرفته - الأخ الناصح والصديق الحميم والمربي الفاضل والزميل الوفي والقيادي الفذ والإداري النابه والرجل الحكيم والمسؤول الأمين النزيه الشريف. هو الوجه المشرق والنموذج المشرف المضيء لحائل الأرض والتاريخ والإنسان، سيبقى دائما وأبدا القدوة وفي صميم العمل المخلص لتدشين النجاح وتكريس الطموح، وفي ذاكرة محبيه أكثر.
هو بعمله وتأهيله وتواضعه وأدبه ومعرفته ومختلف تفاصيله إنسان من بياض، ونبراس لنبوغ وإرادة وعطاء لكل الأجيال..
ويكتب ثالث: قدرك - أبا عبدالعزيز- أن تمارس التحليق من قمة إلى أخرى.. وأن تترك بصمات مضيئة في سماء التربية والتعليم بهذه المنطقة من بلادنا العزيزة.. فقد جمعت بين نبل الإنسان وحكمة الإداري.. وحصافة التربوي.. وبهذه السجايا استطعت أن تقود سفينة التربية والتعليم في منطقة حائل صوب عوالم الوعي والمعرفة.. بخاصية الإنسان استطعت أن تلامس هموم التربويين.. وبمبضع الحكيم نفذت إلى الجرح فعالجت الكثير من الأدواء التربوية.. وسارت عجلة التربية والتعليم بسلام.. وبنظرة التربوي المجرب طرحت الكثير من الرؤى المثمرة في الميدان.. عرفتك - أبا عبدالعزيز - إداريا وإنسانا كلما ازددت منه قربا ازددت له احتراما.
ويصفه رابع بكلمة موجزة معبرة فيقول: جبل شامخ من المثل، ونهر لا ينضب من المعارف، وإشراقة منيرة من الأدبيات، ودوحة وارفة من الأخلاق، وأفق واسع من فنون التعامل، وأرض خصبة من الصفات النبيلة يظللها فضاء شاسع من الصفاء والنقاء تلك العناصر اجتمعت وامتزجت لتكون لوحة فنية ارتسمت ونحتت في شغاف قلب كل من تعامل مع هذا الإنسان الرائع
ويضيف خامس: إنه يتعامل بأسلوب الكبار ويجعلك تكتشف نفسك.. كان كريما بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. ترك لنا مآثر جليلة بعد معركة حامية الوطيس ترجل فيها الفارس.
ويقول سادس: رسم رشيد وفق مبادئه مجتمعا تربويا متسقا مع السياق العام ومتناغما مع قيم (رجل رشيد) وسجل في لوحة الشرف التي يتقلدها ولم يغادر التربية والتعليم بسواها أن مصطلح السلبية يعني (الحلم).
وعبر (أبو فريح) عن مكون مشاعره شعرا فقال:


سلام يا صقر تعلا المراقيب
سلام يا عز الخوي يا كحيلان
شبل بنى بيته على العز والطيب
يرقى على العلياء كما فرخ شيهان
عز الخوي لا جاء لزوم ومواجيب
لأهل الكرم شيخ وللطيب عنوان

وهناك من قال معتذرا: حاولت مرارا أن أكتب عن هذا الرجل الرمز الدكتور رشيد بن فهد العمرو، فانكسر قلمي، وانكفأت محبرتي، فعزت الألفاظ، وتطايرت الأفكار ولم يبق لي سوى الاعتراف بالهزيمة أمام سيرة حميدة ومسيرة جليلة، فكانت له نشوة النصر، واحتفظت بشرف الهزيمة.
ويكتب آخر: أقول معتذرا إن الكتابة عن العلم قد تكون ضربا من المستحيل.. تتقازم فيها المفردات، وتهرب منها الحروف عجزا.. وتتوارى الكلمات مهابة وإجلالا..لقد منحت أبا عبدالعزيز لأجيالنا على أرض حائل الكثير.. فالخير صباحك والسعد مساؤك والتوفيق رفيقك ودمت عطاء ونبراسا).هكذا هو فيض المشاعر، وجزما يبقى أهل العطاء الأوفياء في ذاكرة التاريخ والمكان ودمت بصحة وعافية وسعادة أيها الوالد العزيز.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved