في سنوات مضت كان الغضب الناشئ عن إخفاق منتخبنا الوطني في كثير من دورات الخليج يقود كرتنا السعودية للوراء كلما قطعت خطوات متميزة للأمام.
ولم تنطلق كرتنا السعودية في فضاء الإنجازات القارية والاستحقاقات العالمية إلا بعد أن انفلتت من ربقة دورات الخليج وتحررت من ضغوطها وبات صانع القرار الكروي ينظر لها وفق تكوينها وحجمها الطبيعي الملائم لها.
وإذا كان الفوز بكأس الخليج يمثل هاجساً لمن يعجز طموحه، وتحول قدراته عن تحقيق ما هو أكبر من ذلك فإنه يجب ألاَّ يكبِّلنا ذلك (العاجز) معه ويحاول بكل ما استطاع من قوة إعلامية أن يجرنا للدوران معه في هذه الحلقة الصغيرة، فلنترك له دورة الخليج يحقق من خلالها ذاته، ولننطلق نحن فيما تعودناه من حصد ألقاب قارية وبلوغ نهائيات أولمبية وعالمية وتقديم أنفسنا كوطن متقدم، وشعب متحضر للعالم أجمع.
ومن هنا أتمنى ألاَّ ننساق خلف العواطف الجياشة ونترك لها العنان للتحكم بعقولنا وقراراتنا بعد إخفاق خليجي 17، فتجاربنا الماضية جداً علمتنا ان نتحلى بالحكمة والروية في مواقف الأزمات وألاَّ تجعل قراراتنا أسيرة للغضب والتوتر والإحباط واليأس، فبدلاً من أن يمنحنا الإخفاق فرصة التعرف على اخطائنا لننطلق منها الى ميادين النجاح نجده يعيدنا للماضي السحيق بكل سوءاته وتراكماته ومعاناته.
وخلال الأيام الماضية كان هناك هجوم عنيف على المدرب واللاعبين والجهاز الإداري ووصل الاندفاع خلف العاطفة إلى المطالبة بتسريح كل هؤلاء أو ايقافهم..!! وكأن كرتنا السعودية توقفت عند حاجز دورة الخليج، وان لا استحقاقات قارية ودولية تنتظر الأخضر قريبا. فهل يريد أولئك أن ندفع عدم التأهل لكأس العالم ثمناً للاخفاق في دورة الخليج..!!؟ بل وللأسف إن هناك فئة وصل بها اليأس من الحال المتردي للفريق الكروي بناديها الى الرغبة في تدمير الكرة السعودية.. على طريقة (عليَّ وعلى أعدائي)..!!
ويبقى الشيء الذي يثلج الصدر ونحمد الله عليه أن لدينا قيادة رياضية تتحلى بالحكمة والأناة والنظر للأمور بعمق ووعي، ولا يمكن أن تهزها خسارة مباراة عابرة، أو حتى بطولة إقليمية يسعدنا كسبها ولا يضيرنا فقدها. ونحن كرياضيين على ثقة تامة وكبيرة بهذه القيادة، وبأنها قادرة مثلما عودتنا دائما على توجيه دفة السفينة الرياضية نحو الاتجاه الصحيح مهما حاولت الرياح والعواصف أن تنحرف بها عن مسارها.
|