** مؤسف وضعنا.. ووضع إعلامنا الرياضي وأقلامه (إلا من رحم الله).. ويتجلَّى هذا الوضع في أكمل صوره مع كل بطولة ومشاركة جديدة لمنتخبنا الوطني.. بل من أول خطوة للأخضر في كل مشاركاته.. فكأن الجميع كان يعد العدة لتشريح المنتخب بدءاً من لاعبيه وحتى اتحاد الكرة.. سواء فاز المنتخب أو خسر فهناك من لا يعجبه العجب.. ويرى أنه لا بد من أن يكون مختلفاً عن الجميع.. حتى ولو كان هذا الاختلاف نشازاً يشوّه الرياضة.. والإعلام.. وبالتالي الصورة الخضراء لدى الآخرين..!
* ومصدر هذا الأسف أن أولئك لم يعوا بعد أن الإعلام بجميع قنواته أصبح المؤثّر الأول في شتى المجالات.. وحتماً سينعكس ما يرتكب باسم النقد الرياضي على الشارع الرياضي.. وعقول الجماهير.. وكذلك على المنتخب نفسه.. من لاعبين وأجهزة فنية وإدارية!!
* مشكلتنا مع (النقد).. خصوصاً عندما يكون الأمر متعلقاً بالوطن لها عدة جوانب.. وأوجه متقلبة.. ولعل أبرز تلك الجوانب والأوجه تختصرها ثلاثة تساؤلات بسيطة:
- متى ننتقد..؟!
- ماذا يجب أن ننتقد أولاً..؟!
- ما هي الطريقة التي يجب أن ننتقد بها..؟!
* أن ننفي الأخطاء عن المنتخب الوطني.. وننكر مواطن التقصير والنقص.. التي عادة ما تكون محلاً للنقد.. والطرح.. والتناول الإعلامي (البنّاء وغير البنّاء).. فهذا ضرب من عدم الأمانة في الكلمة والقلم.. وعدم صدق مع أنفسنا.. ومع مسئولي رياضتنا وبالتالي مع انتمائنا وهويتنا.. فالتطبيل والتلميع أيضاً سينعكس على المنتخب.. عندما تنكشف الحقيقة في أي مشاركة قادمة..!
* فالأخطاء واردة وموجودة.. والتقصير والخلل ما زال مستمراً.. حتى من أقلامنا وإعلامنا.. والاعتراف بذلك هو أول خطوة يجب أن تتخذ في طريق التصحيح.. والنهوض بالرياضة لمستوى أفضل.. ليتجسد هذا المستوى أمامنا واقعاً ملموساً.. وليس حبراً على ورق.. وكلاماً منمقاً لا يسمن ولا يغني.. بل سيزيد من تلك الأخطاء.. وذلك الخلل.. لأننا لم نكن صادقين عندما كتبنا.. أو تحدثنا..!
الفاشل مقدماً.. (كالديرون)..!!
** إصدار الحكم وتقييم عمل ما.. يكون بعد تقديمه على أرض الواقع عملاً متكاملاً.. لا على معرفة من سيقدِّمه.. ولكن لدينا الوضع مختلف.. فنتيجة العمل وجميع جوانبه الإيجابية والسلبية معروفة مقدماً.. وقبل البدء في خطوات هذا العمل..!
** قبل بدء البطولة الخليجية السابعة عشرة والمقامة حالياً في قطر.. أعلن الاتحاد السعودي عن إشراف الأرجنتيني (كالديرون) على المنتخب بدءاً من (خليجي 17).. فصدر الحكم قبل أن يصل المحكوم عليه.. وبالإعدام أيضاً..!!
** ليخوض (كالديرون) منافسات البطولة الخليجية وهو أمام العديد من التحديات.. وأول تلك التحديات أن يثبت للإعلام السعودي أنه مؤهل وجدير بالإشراف على المنتخب.. الأمر الذي سينعكس حتى على طريقة اللعب.. والخطط الفنية التي سيخوض بها المباريات..!
** يحدث هذا في الوقت الذي من المفترض أن يكون إعلامنا داعماً.. وسنداً للمنتخب ومدربه.. لتجاوز التحديات.. وتخفيف الضغوط الأخرى التي تواجه الأخضر.. ولكن للأسف ما يحدث هو العكس تماماً..!!
** ألا يستطيع أولئك كبح جماح أقلامهم حتى ينتهي الأخضر من مشاركته الخليجية..؟! وبعد ذلك يسلّونها لتوضيح نظرياتهم.. وآرائهم.. بغض النظر عن مدى صحتها.. ومدى غرابتها..!
* عندما يطالب القائمون على الرياضة لدينا.. وعلى رأسهم الأمير سلطان بن فهد وسمو نائبه بالنقد البنّاء.. والطرح الهادف.. وكل ما من شأنه تطوير الرياضة السعودية والرقي بها.. فهذا لا يعني أن نتصيّد الأخطاء.. لنتناولها وكأننا لا نمت لها بصلة.. دون أن نفرّق بين المنتخب الوطني وأي ناد آخر.. فطريقة النقد والتناول الإعلامي لدينا ما هي إلا (جلد للذات) تمارسه الأقلام سواء بحق المنتخب.. أو بحق الأندية.. ودائماً ما تكون السلبيات هي الطاغية.. فلا وجود للإيجابيات عندما نصدر أحكامنا.. ونمارس جلد أنفسنا..!!
* والمضحك المبكي في حكايتنا مع النقد والمنتخب.. أنها ما زالت مستمرة بمطالبنا.. وانتقاداتنا للاعبين.. والمدرب.. والإدارة.. رغم (صك الفشل) الذي أصدرنا مسبقاً.. فكيف لعاقل أن ينتظر الحياة من محكوم عليه بالإعدام..؟!
* فمتى يتعاطى إعلامنا الرياضة كرياضة... يستمد منها أهدافه.. وأخلاقه.. ويأخذ بمبادئ المنافسة وروحها.. وينبذ شوائبها وتعصبها.. والتنظير حتى على حساب منتخب الوطن..؟! قبل الإجابة على هذا السؤال أعتقد بأننا بحاجة إلى ضخ جرعة كبيرة من الفكر والوعي الرياضي إلى أقلامنا.. قبل ضخها إلى دماء الجماهير الرياضية في مدرجات ملاعبنا..!
فواصل؛؛؛ منقوطة
* خرج المنتخب السعودي من البطولة الخليجية خالي الوفاض قبل أن يغادرنا إلى الدوحة..!
* حتى والأخضر يغادر (خليجي 17) بثلاثية بحرينية قاسية.. تبقى بطولة الخليج أقل من طموحاتنا وليست هدفاً أو غاية تستحق التحسر على عدم الوصول لكأسها.. فلنعتبرها اختباراً لقدرات (كالديرون)..!!
* ستبقى قناعتي بأن البطولات والإنجازات التي حققها المنتخب السعودي.. وأيضاً الكبوات والهزات التي تعرض لها الأخضر طوال تاريخه.. يقف وراءها - بعد الله سبحانه وتعالى - اللاعب السعودي.. ويتحمل مسئوليتها.. فلا المدربين.. ولا التحكيم.. ولا الحظ لهم دور في كل ذلك.. وآخر الشواهد (خليجي 17).
* بعد مباراة منتخبنا والبحرين.. أتوقّع أن يطالب البعض برأس محمد الدعيع.. ومحمد الشلهوب.. ومحمد نور.. وهناك من سيطالب بنفي (كالديرون) وعدم السماح له بالعودة لأرض الوطن.. ولن يسلم فهد المصيبيح أيضاً.. فسيكون هناك مطالبون برأسه ومنعه من الضحك مدى الحياة..!
* باستثناء المنتخب العماني.. ما زالت المنتخبات الخليجية كما هي.. لم تتطور ولم تتغيّر حتى في تصريحات مسئوليها الإعلامية!
* في دول العالم المتقدِّمة رياضياً.. يقوم اللاعب بتنفيذ ما يطلب منه حرفياً على أرض الملعب دون أن يكون لطريقة اللعب دور في ارتفاع أو انخفاض المستوى الفني الذي يقدّمه اللاعب.. أما لدينا فاللاعب السعودي يريد أن يبدأ مشواره الرياضي.. وينهيه أيضاً بطريقة (4-4-2)..!
* الكرة الحديثة أصبحت تعتمد على الجماعية.. وعدم المركزية.. وشمولية الأدوار.. وربما نشاهد فريقاً يلعب بجميع الطرق في مباراة واحدة.. حسب أحداث المباراة.. وكيف يلعب الفريق المنافس..؟! لدينا الظهير لا نراه في عمق الوسط.. والوسط المتقدِّم لا يوجد مع رأس الحربة.. وقلب الدفاع لا يتقدَّم للمحور.. وكأننا مقيدون بمساحة معينة يجب عدم تجاوزها.. وكل هذا بسبب أننا ما زلنا نتمسك بطريقة ما.. وزرعنا في عقول لا عبينا أن بقية الطرق لا تناسب اللاعب السعودي.. أتساءل: (هل اللاعب السعودي كغيره من لاعبي كرة القدم على هذا الكوكب.. أم قادم من الفضاء الخارجي ولا يستطيع اللعب إلا على نظام 4-4-2)؟!
* ما حدث للأخضر على أرض الدوحة القطرية.. يتحمله الإعلام الرياضي أولاً.. ثم اللاعبون ثانياً.. فإدارة المنتخب ثالثاً وأخيراً..!!
* إنه زمن (السلطنة).. فالعمانيون قادمون..!!
|