قرأت الأخبار الكثيرة التي تنشرها الجزيرة حول توجه الدولة - حفظها الله - لتوظيف الشباب ، وأقول : لا شك ان الكل يتابع أهداف الدولة السامية هنا وهناك في مملكتنا الحبيبة ، فمن تشييد المباني وصروح العلم والمستشفيات مرورا بكافة إدارات الأمن والبلديات وكافة إدارات الدولة ، لا شك أنها جهود جبارة يشكرون عليها ونبارك إقدامهم لاجل رفعة وسمو هذا البلد ، ومما يبرز تلك الأهمية هذه الأيام الاهتمام بقنوات الإصلاح في كل مجال والمضي نحو آفاق جديدة مباحة ، تترجم آمال وتطلعات أبناء هذا البلد المبارك .. وان توجه الدولة لتوظيف الشباب وفتح باب التوظيف لمؤشر جبار يبعث في النفوس الفرح والسرور ويرفع من معنويات الشباب ، وهذا بلا شك هدف سام واستراتيجية محددة ، ومع هذا وذاك وفي خضم هذه التحولات والإصلاحات والمتغيرات ، فلا بد من رسم الأهداف على أن تكون نموذجية التوجه تحقق مكاسب ملموسة بعيدة عن الارتجال غير المقنن ، ومع هذا كله الا أنني أرى أن الأمر لا يتوقف على توظيف الشباب فحسب وليس مجرد توظيف الشباب وفتح باب التوظيف ، فالأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك وبحكم قربي من الشباب في مجال التدريب ، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف نوجه هذا الشباب للعمل الميداني الحرفي والفني واقناعهم بأن الأمر ليس حلما بل حقيقة نعيش في كنفها ؟
فلا بد من العمل في مجالات المهن الحرفية الفنية التقنية اليوم وغدا وبعد غد نحو مستقبل صناعي تقني سعودي ، وقد كتبت عدة مقالات في هذا الجانب ولكن يبقى الهاجس المهم هو كيف ندرب هؤلاء الشباب ؟؟ وان كان هنالك دور للتدريب فهل التدريب يتم بطريقة نموذجية ؟؟ وان كانت تلك الطرق موجودة فما مدى نسبة التحصيل للطلاب ؟؟ .. نعم نحن لا نريد أن نهتم بتشييد المباني فقط فضلا عمن يعمل بها وكيف يعمل ؟؟ هذا من ناحية ناهيك عن نوعية متلقي هذا التدريب هل هو يستشعر أهمية التدريب ويعيش طموحاته ؟؟ أم أن الأمر مجرد توظيف ووظيفة للكسب المادي فقط فضلا عما تعنيه تلك الوظيفة من أبعاد استراتيجية عن طريقها تتحقق تلك الأهداف العريضة ومن منطلق خبرة امتدت لأكثر من عشرين عاما في التدريب أرى انه لا بد من توجيه الشباب إلى ميادين العمل الصناعي وإقحامهم فعلا ، بالعمل هنا وهناك في المصانع والورش ورفع كفاءة التحصيل وتقديم الحوافز ومتابعة العمل الإنتاجي ، واعطاء الشباب فرصة إثبات الذات والوقوف معهم ومد يد العون لكل شاب سعودي في أي مجال ، فهم رجال الغد كما هو معروف.ومن تلك الخبرة وجدت أن الشباب يحتاجون للقدوة ومن يأملون فيه دفع عجلة تقدم أفكارهم ، فهم يحتاجون لمن يثقون به وفي معلوماته ونصائحه لكي يكتسبون منه الخبرة والمعرفة ، وهذا الجانب مهم جدا فلا بد من طرحه ومناقشته على مستوى رفيع ، وليس بالضرورة أن أكون أنا أو أنت ذلك الرجل ، المهم إيجاد قاعدة لهؤلاء الشباب لبناء مجتمع تقني فني يعمل وينتج للأجيال القادمة - إن شاء الله - تحت مظلة لا اله إلا الله محمد رسول الله وطاعة لولي الأمر وخدمة للمسلمين والله من وراء القصد.
عبد الرحمن بن عبد الله القريشي
المدرس بكلية الاتصالات والمعلومات بالرياض |