* الرياض - محمد العوفي :
اقتحمت المصارف السعودية سوق السندات لأول مرة ، وكان البنك السعودي الهولندي أول هذه المصارف ، وتأتي هذه الخطوة لفتح مجال استثماري وتمويلي جديد للقطاع الخاص والأفراد في المملكة ، لتدخل حقبة جديدة في مجالات التمويل التي تعددت وسائلها .. ولأهمية مجال السندات قامت (الجزيرة) بطرح السؤال على المختصين لمعرفة أبعاد هذا التوجه وآثاره على الاقتصاد المحلي ، حيث اعتبر رئيس بحوث الاستثمار وكبير اقتصاديي بنك الرياض الدكتور عبد الوهاب أبو داهش ان طرح السندات شيء إيجابي للسوق المالية.
وقال أبو داهش في تصريح خاص ل(الجزيرة) : إن ذلك شيء إيجابي لسببين : الأول هو تعدد خيارات التمويل في السوق السعودية ، والسبب الثاني هو تعدد خيارات الاستثمار للمتعاملين في السوق ، وبذلك تصبح السوق اكثر ملاءمة لاطلاق اسم سوق مالية عليها وليس سوق اسهم ، مؤكدا ان السيولة الموجودة في السوق سيكون عندها خيار توزيع الأصول بين خيارين مختلفين في العائد والمخاطرة ، فربما يكون عائد الأسهم كبيرا ولكن بمخاطر أكبر ، بينما السندات ملائمة للمستثمرين الذين يبحثون عن دخل منخفض مقابل مخاطر أقل.
وأوضح كبير اقتصاديي بنك الرياض في السياق ذاته ان السيولة المالية الموجهة للسوق المالية لن تتأثر كثيراً إذا ظلت الخيارات الاستثمارية خارج السوق المالية مثل قطاع العقارات كما هو عليه الآن ، فستظل الأفضلية للسوق المالية ، لذا فان كمية الأموال المتجهة للسوق المالية ثابتة ، ولكنها تختلف في عملية توزيعها بين الأسهم والسندات ، خصوصا إذا وجدت السندات قبولا من المستثمرين الأفراد ، لأنها سوف تحتاج إلى وقت لكي يتم قبولها من قبل الأفراد المتعاملين في السوق.
أضاف أبو داهش في جانب آخر ان اللوائح التي أصدرتها هيئة السوق المالية جاءت كما هو متوقع منها ، مشيرا إلى انه لا يمكن معرفة تأثيراتها على السوق ما لم نرَ تطبيقا فعليا لها في السوق ، مؤكدا ان التطبيق الفعلي لهذه اللوائح وتنفيذها على أرض الواقع سيمكننا من معرفة تأثيرها على تحركات السوق ، لذا فمن السابق لأوانه التحدث عن تأثيرها على السوق.
وأكد رئيس بحوث الاستثمار انه لا يمكن الحكم على سوق الأسهم بأنه أصبح أكثر شفافية الآن ما لم تكتمل الأركان الرئيسية التي تنص عليها نظام سوق المال ، مثل وجود شركات إيداع الأوراق النقدية ، وجود وسطاء مرخص لهم ، لجنة تسويات المنازعات الأوراق المالية ، وطالما لم تنشأ على أرض الواقع لا يمكن الحديث عن الشفافية ، ومع ذلك منذ إعلان أعضاء السوق المالية والسوق يتجه نحو المزيد من الشفافية ويعمل بكفاءة أكبر وأفضل.
ومن جانبه أضاف الخبير الاقتصادي المهندس أسامة كردي ان السندات واحدة من أهم أدوات الأسواق المالية ، وبواسطة هذه السندات تستطيع مؤسسات وشركات القطاع الخاص ان تستفيد من السيولة المتوفرة في السوق لتوجيهها إلى استثمارات جديدة أو التوسع في استثمارات جديدة ، وبهذا يكون لدينا منفذ رئيس من منافذ الاستثمار.
وقال كردي في السياق نفسه : إن الخطوة التي أعلنت عنها شركة سابك بطرح سندات ، أنها ستستخدم لإقامة مشاريع جديدة في سابك أو توسعة مشاريعها الحالية ، ولا شك ان هذا سيؤدي إلى النمو الاقتصادي ، وفي حالة سابك بالذات سيؤدي إلى زيادة صادراتها غير البترولية ، وعادة ما تكون هذه السندات منافسة لسوق الأسهم.
ولم يتوقع كردي أي تأثيرات سلبية للسندات على سوق الأسهم ، معللا ذلك بالأسباب التالية : كبر حجم سوق الأسهم وارتفاع قيمة مداولاته اليومية وكذلك توفر السيولة النقدية لدى البنوك ولدى المستثمرين ، مع نقص الفرص الاستثمارية ، ويلاحظ ذلك من خلال الإقبال الكبير على المساهمات التي تمت مؤخراً ، بالإضافة إلى إحصائيات مؤسسة النقد عن النقد المتوفر في البنوك.
وأكد ان اللوائح التنظيمية التي أصدرتها هيئة السوق المالية لوائح مطلوبة ، ولا يمكن ان تكون هناك سوق مالية منتظمة بدونها ، وان كنت أتمنى أن يكون التدرج في إصدارها وتطبيقها حتى يكون لها التأثير الإيجابي المطلوب.
ومن جانبه أضاف المحلل الاقتصادي راشد الفوزان ان السندات التي تصدر من قبل الشركات في سوق الأسهم هي احدى وسائل التمويل للشركات ، والشركات التي تصدرها تحتاج إلى تمويل ، وتلجأ لها عندما يكون لديها مشاريع أو تطوير أو نمو مستقبلي أو توسع ، ويكون إصدارها بسعر فائدة ، ومن خلال هيئة السوق المالية التي تتولى تنظيم عملية طرح السندات ، يمكن طرحها للشركات الأخرى التي قد تكون بنوكا أو شركات أو حتى الأفراد في القطاع الخاص ، وتتميز السندات بأن سعر العائد ثابت عليها على مدى سنوات الطرح ويكون لها تاريخ استحقاق محدد.
وقال الفوزان : ان السندات التي ستطرح من قبل سابك والبنك الهولندي ستطرح لأول مرة للقطاع الخاص ، مؤكدا ان أهميتها الاقتصادية في ان السوق يكون اكثر توسعا في مجال للاستثمار ، ويعتبر ذلك شيئا جديدا في السوق السعودية.
إضافة إلى إيجابيتها للاقتصاد وللشركات التي تطرحها ، بحيث لا تلجأ الشركات إلى رفع رأس المال لأنها تمويل وقتي ويسمى (رأس المال الثاني) ، وتعتبر من الوسائل الجيدة ونسبة الفائدة ثابتة ، وبالتالي تكون أكثر أمانا واستقرارا للشركات من أسعار الفائدة المتقلبة التي قد تكون إيجابية أو سلبية ، ومن ناحية أخرى تعتبر إيجابية للاقتصاد والشركات والأفراد ، كاستثمار للأفراد والشركات وتنويع لمصادر التمويل طويلة ومتوسطة الأجل.
وبيّن ان تأثيرها على سوق الأسهم قد يكون إيجابيا وقد يكون سلبيا فالشركات التي تصدرها لن تلجأ إلى رفع رأس المال أو تحويل احتياطات ، لأنها قد يكون تمويلا وقتيا ، والجانب الإيجابي في التأثير أنها أحد مصادر الاستثمار الأكثر أمان وضمان رغم قلة العائد.
افترض الفوزان ان يكون إصدار اللوائح الجديدة إيجابيا وينظم السوق بأكثر وضوح وشفافية ويقلص سيطرة واحتكار المضاربين خاصة في سوق الأسهم المتوسطة .
واختتم الفوزان تصريحه بأن الأساس هي عملية التفعيل والتطبيق لها ، وان تكون بكل وضوح ، فأهمية القانون ليس بإصداره بل بتطبيقه.
|