قمة المنامة الخليجية تحمل الرقم الـ25، أي أن مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تعدت ربع قرن.. وهذا ما يفرض على المراقب ان يطرح سؤالا يفرضه نفسه، وهو ماذا تحقق لمواطني المجلس..؟!!
وسؤال يتفرع منه، وهو ما الذي تحقق من أهداف المجلس عند إعلان قيامه في أبوظبي في السنة الأخيرة من العقد الثامن من القرن الماضي.
لا ننكر ان الكثير من الانجازات تحققت ولعل من أهمها صمود المجلس وبقاءه في حين تهاوت هيئات إقليمية عربية مماثلة، وعجزت مؤسسات أخرى عن تحقيق أهدافها كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجلس التعاون أردنا أم لم نرد يسير ليكون الضلع الثالث في مثلث المؤسسات الإقليمية القائمة ولكن بلا فعالية.
هذا القول ليس لي وحدي، ولا أدعي استنتاجي المنفرد، بل الذي يتابع الحوارات واللقاءات التلفازية بل حتى الندوات العلمية يصل إلى هذه النتيجة، إذ يشتكي الكثير من المفكرين والمختصين والمهتمين بمتابعة مسيرة مجلس التعاون من رتابة العمل، والاكتفاء بما تحقق، ومن أهمها صمود المجلس، والسير ببطء شديد لتحقيق إضافات لا تنفذ أكثرها لأسباب عدة منها الفلسفة التي أنشئ على أساسها مجلس التعاون.. وهي برأيي التوافقية والبعد عن النقاط الخلافية من أجل الإبقاء على الاجماع.
أما النقطة الثانية التي تكبل مسيرة مجلس التعاون وتشل مسيرته فهي التمسك وبشدة بمظاهر السيادة من خلال مقاومة الدمج تفضيلاً للسيادة القطرية.
هاتان النقطتان جعلتا الدول الأعضاء تتجاوز عن تجاوزات الأعضاء (إن صح التعبير) حتى وصل التجاوز أو التجاهل إلى حد التعارض مع مبادئ المجلس والأهداف التي أنشئ من أجلها.
ويظهر هذا التجاوز أو التجاهل إذا أردنا التخفيف، أكثر ما يظهر في أهم قطاعين أو محورين من المحاور التي يجب الاهتمام بها والتي كانت من أهم الأسباب التي أقيم المجلس من أجلها، ألا وهي الشؤون الأمنية والاقتصادية، فهذان المحوران بالإضافة إلى المحور السياسي، كان ما يهدف إليه القادة عند إنشاء المجلس، إذ كان الوعي مركزاً على أنه لا يمكن توحيد إقليم الخليج إلا على أسس اقتصادية تشرك المواطن في مسيرة المجلس وتفعل مشاركته في توسيع المصالح وتبادلها بين المواطنين ضمن مناخ وآفاق أمنية تشيع الاستقرار في دول المجلس لتسريع عمليات التنمية والنماء ورفع المستوى المعيشي والتعليمي والصحي والاجتماعي للمواطن، إذ بدون تطوير وتفعيل الاقتصاد وتعزيز وتقوية الأمن لا يمكن تحقيق أي من أهداف المجلس.
ماذا فعل المجلس وأجهزته ومؤسساته لتحقيق هذين الهدفين المركزين.. القراءة المتأنية لمسيرة المجلس تجعلنا نحكم لغير صالح المجلس، فلا الاتفاقية الاقتصادية نفذت بنودها رغم إقرارها منذ ربع قرن ولا الاتفاقية الأمنية وقعت عليها كل الدول ..!! لماذا.. هذا سنتحدث عنه غداً.
|