Sunday 19th December,200411770العددالأحد 7 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

غرباء ملثمون ودبابات أجنبية وانتخابات مفخخة! غرباء ملثمون ودبابات أجنبية وانتخابات مفخخة!
عبدالإله بن سعود السعدون (*)

بعد انتهاء الجدل في الشارع العراقي حول إجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد نهاية يناير القادم أو المطالبة بتأجيلها لمدة ستة أشهر بعد هذا التاريخ بناء على قرار حكومة الرئيس علاوي ومصادقة المجلس الوطني على نصوص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 بإقامة انتخابات عامة تتولد عنها جمعية تأسيسية تكتب دستور العراق الجديد وترشح الأكثرية البرلمانية في هذه الجمعية التأسيسية رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، وانتهت فترة الترشيح بظهور قوائم انتخابية عديدة مع عدد كبير من المستقلين يمثلون شخصيات أكاديمية وسياسية معروفة وتعتبر القائمة المدعومة من المرجع الشيعي في النجف السيد علي السيستاني والتي تضم الأحزاب الشيعية الرئيسية (حزب الدعوة الإسلامية) برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفري نائب رئيس الجمهورية والسيد عبدالله العنزي الجناح الجديد لحزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة السيد عبدالعزيز الحكيم، وحزب المؤتمر الوطني العراقي برئاسة السيد الجلبي الذي دخل مؤسسا للبيت الشيعي لهذا الغرض الانتخابي وطعمت بشخصيات كردية وسنية من بعض القبائل العربية في الشمال مثل الشيخ فواز الجربا وبعض شيوخ الأكراد المستقلين والفيلية وهم من أصل كردي شيعي والتركمان الشيعة واستبعدت جماعة مقتدى الصدر منها ويتوقع المراقبون السياسيون أن هذه القائمة الائتلافية الموحدة ستهيمن على معظم أصوات الناخبين للتأييد القوي من قبل المرجعية الدينية الشيعية لها وتتقاطع معها منافسة قائمة الرئيس علاوي والتي رفعت شعار (العراق لكل العراقيين) دون الالتفات للمذهب الديني والعرقي والقومي وسميت بالقائمة العراقية الموحدة وضمت شخصيات مستقلة معروفة كالسيد حسين الصدر عميد أسرة الصدر والشيخ غازي بن مشعل الياور علاوة على منتسبي حزب الوفاق الوطني وعدد كبير من وزراء الحكومة المؤقتة الحالية، وستخفف هذه القائمة من صفة المذهبية لقائمة الائتلاف الموحد والتي تحتوي 228 مرشحا ومؤيده من السيد السيستاني المرجع الديني الشيعي في النجف لاعتماد قائمة الدكور إياد علاوي على تشكيلة من المرشحين الذين لا ينتمون إلى أحزاب دينية ويرفضون التأثير المذهبي على برامجهم الانتخابية ويشاركهم في ذلك عدد كبير من رؤساء العشائر في الفرات الأوسط وجنوب العراق المنطقة ذات الأكثرية الشيعية وإني أرى أن قائمة العراق الموحدة ستحل على أكثرية الأصوات ليس في المنطقة الشيعية بل في كافة المناطق الانتخابية في العراق لرفض المواطنين للفسيفساء المذهبية والتمسك بالوحدة الوطنية كمنهج سياسي للعراق الجديد، وهناك العديد من القوائم الانتخابية التي قد تحظى بفوز بعض مرشحيها في منطقة بغداد فقط مثل القائمة الملكية الدستورية والقائمة الديمقراطية ويمثلها الدكتور عدنان الباجة جي والحزب الإسلامي ممثل تيار الأخوان المسلمين في العراق وقائمة اتحاد الشعب الشيوعية، أما منطقة شمال العراق ذات الأكثرية الكردية فستكون القائمة الكردية الاتحادية هي الحصان الرابح لمصلحة ائتلاف البرزاني والطالباني!
وبنظرة تحليلية للمستفيد من إجراء هذه الانتخابات في يناير القادم يأتي شعب العراق بآخر القائمة فالمستفيد الأكثر هو البيت الأبيض الأمريكي وصقور السياسة العدوانية فيه فنتائج هذه الانتخابات التي ستأتي بجمعية تأسيسية عمرها المحدد حسب قانون الانتخابات لا يتعدى الأحد عشر شهرا ومهمتها الأولى كتابة دستور دائم للعراق وتشكيل حكومة منتخبة لها شرعية دستورية أمام العالم الخارجي ليتسنى لها توقيع اتفاقيات دولية مع الولايات المتحدة وبريطانيا ولتحديد مواقع القواعد العسكرية لهاتين الدولتين في العراق ومعاهدة دفاع مشترك وتنظيم العلاقة البترولية بعقود طويلة الأجل مع الشركات الأمريكية والإنجليزية لاستغلال الثروة البترولية العراقية وتأتي الأحزاب الكردية بالدرجة الثانية بعد المصالح الأمريكية المتورطة في المستنقع العراقي بفائدتها من هذه الانتخابات لهدفها الاستعجال في هذا الوقت القلق غير الطبيعي لتثبيت الفيدرالية كنظام حكم في دستور العراق الدائم وتمتد خارطة كردستان لتشمل المنطقة الممتدة من دهوك شمالا حتى قضاء بلد جنوبا وبداخلها مدينة كركوك كعاصمة لهذا الاقليم الذي يشكل حلم الدولة الكردية في هذه المنطقة والتي ستمول بنسبة40% من العائدات البترولية علاوة على نصف الرسوم الجمركية للسلطة الاتحادية المركزية في بغداد وسيبقى البيشمركة جيشا كرديا تحت ظل العلم الكردي الوحيد الذي يرفرف في شمال العراق حاليا بلغته الرسمية الكردية ولا بد من مراجعة أي عراقي إن زارها من الوسط والجنوب الدوائر الرسمية للحصول على رخصة الإقامة بهذه المنطقة الكردية! وهناك أجراس أخرى تدق في وسط العراق وجنوبه ذو الأكثرية الشيعية بتشكيل تكتل سياسي له صفة الحكم الذاتي على الخريطة العراقية بنوع من الفيدرالية الجغرافية للمحافظات الوسطي والجنوبية تتخلص بذلك من السلطة الاتحادية المركزية في بغداد ذات الرموز السنية وقد لبست هذه التكتلات الشيعية في الوسط والجنوب عباءة نجفية صنعت خيوطها في مدينة قم الفارسية!!
المواطن العراقي الصامت الذي يمثل أكثرية الشعب العراقي لن تغير في وضعه السياسي والاقتصادي هذه الانتخابات التي ستولد جمعية عمومية مدتها أحد عشر شهرا لتنقذ جيوش أمريكا وبريطانيا من الوحل الذي غاصت أقدامهم فيه وحولوا مدن العراق الرافضة لوجودهم الاستعماري إلى حمامات دم بطرق وحشية كما فعلوا في الفلوجة الجريحة وسامراء ومدينة الصدر والنجف والكوفة والموصل ولا أتصور كيف يمارس أبناء الفلوجة العملية الانتخابية لن تأتي هذه الانتخابات بالعصا السحرية لتجعل من العراق بلدا آمنا مزدهرا ولن تقدم لهم الكهرباء التي لا تنقطع والماء الصالح للشرب ولا تنقذهم من الوقوف لساعات طويلة في صفوف طويلة للحصول على غالون بنزين أو عدد من لترات وقود التدفئة لاتقاء برد الشتاء القارس ولن تحقق له فرصة عمل جديدة لشعب ثلاثة أرباعه من العاطلين عن العمل إن هذه الانتخابات العامة كنمط ديمقراطي يمارسه الشعب العراقي بحرية كما وعدت حكومة الرئيس علاوي فأية ممارسة ديمقراطية لن تكون بدون حرية كاملة للناخب والمرشح فأي منهم يمارس حريته الانتخابية والملثمون الغرباء يحولون القلق والخوف إلى غذاء يومي لكل فرد عراقي قبل الأجنبي المحتل! كل سيارة متروكة في أزقة مدن العراق يخشى أن تتحول إلى بركان ثائر يقتل الأبرياء قبل قوات الاحتلال أدخلت هذه الأشباح المنتشرة في كل زوايا الشوارع المظلمة الخوف من التعرض للسلب والنهب لكل من مر بهذه الأماكن الخطرة كيف يعلن المرشح عن برنامجه الانتخابي بحرية كاملة فإما يرتدي رأسه الكيس الأمريكي ويحول إلى معسكرات الاعتقال المنتشرة في المناطق العراقية أكثر من المدارس والمستشفيات إن طالب بمقاومة الاحتلال وقد يقص رأسه في ليلة ظلماء إن امتدح الحكومة المؤقتة في برنامجه الانتخابي ووعد بتأييدها.
فالمشهد العراقي لا يبشر بإجراء انتخابات حرة ونزيهة للظروف غير الاعتيادية التي يمر بها في ظل أحكام قانون الطوارئ والناخب العراقي لا يعلم شيئا عن آليات هذه الانتخابات وبعيد كل البعد عن البرامج الانتخابية لها والتي توالت على الشارع السياسي دون تهيئة إعلامية شاملة لكافة المواطنين، وأين نزاهة هذه الانتخابات والصناديق تفرز في مقرات المفوضية العليا للانتخابات المعينة من السلطات الأمريكية متزامنة مع طبع العديد من البطاقات الشخصية لأشخاص وهميين جاءت نتيجة لتهريب صناديق ممتلئة بالدولارات من الحدود الشرقية للعراق لتشارك في العملية الانتخابية الديمقراطية!!
هناك أكثر من حصان طرواده واحد في الساحة العراقية تنتظر ساعة الصفر لتتدخل في مسيرة العملية الانتخابية الديمقراطية وتؤثر على مستقبل العراق الجديد!!

(*) محلل إعلامي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved