Sunday 19th December,200411770العددالأحد 7 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الثقافية"

في نادي المدينة الأدبي في نادي المدينة الأدبي
أمسية قصصية لجار الله الحميد وزياد السالم

* الجزيرة - محمد الدبيسي:
في مساء مديني دافئ.. جلس جار الله الحميد في أقصى يمين المنصة.. على نشز يتراءى بوضوح للناظرين.. وبدأ في تلاوة خمسة نصوص قصصية من آخر ما كتب..! صوت جار الله.. كان هادئاً وثقيلاً في قراره.. صوت مسّه الزمن.. فبدت عيناه تومضان بإيحاء غامض ومنهك..! كلما رفع بصره عن الورقة وتأمل الحاضرين!؟ لم يكن جار الله (الكاتب الكبير) معنياً بمن حضر.. قدر عنايته بعوالم نصه المكتوب.. فبدا كمن انكوى بحرارة ما كتبه..! يمسه قراءة.. فتغدو حدقاته مرايا لجمر الحكايات..!
نص يندلق من فيه إلقاءً.. فكأنه يكتبه للتو.. بطهارات الولادة وآلامها.. واكتمال تكونها.. (جسد) ينجرح؟.. يهب (غيره) الحياة والكلمات..! منذ زمن.. لم يقرأ جار الله نصوصه..؟
** في مساء الثلاثاء الماضي.. وفي نادي المدينة المنورة الأدبي.. بدأت ملامح الكاتب الغريب.. حد الألفة.. تعاود جسَّ لياقاتها مع الحكاية.. بخمسة نصوص ذرفها جار الله الحميد.. دفعة واحدة.. جسَّدت نقلة مغايرة، ومتجاوزة لتجربته السابقة.. المتمثِّلة في ثلاث مجموعات مطبوعة..
والنصوص الخمسة.. تجاوزت في سياق خطها السردي لغة وبنية.. وتماست مع وعي مفارق.. تشكَّل عبر زمن متراكم.. يتقاطع مع التجربة ببعديها السردي الفني والواقعي - الحياتي..!
** ضمن الهامش الاعتباري في الحياة العامة.. ومن الزوايا المنفصلة بداهة - أو المفصولة قصداً.. عن المنظور النمطي، استل جار الله الحميد.. شخصياته.. (شخصيات) محايدة، لا يعبأ بها عادة.. في هامشيتها تكمن أهميتها.. ومن تفاصيلها اليومية وأجواء تكوّنها؛ انتقى لغتها وابتكرها بحس مكثف الدلالة..
وببعد إشاري خفي أحياناً.. توازياً مع فضاء بعض الشخصيات في زوايا إشكالية.. يكتنفها المأزق الإنساني.. في مستوى التفاعل والتعايش! وبقصدية واعية.. استثمر اللغة الشائعة لهجياً.. في نطاق المتداول بمستوييه الشفاهي والمكتوب.. وبرع في إعادة صياغة التعبيرات السائدة.. التي تنم عن خاصيتها المكانية وانتمائها الجغرافي.. ليشكلها في منظومة أسلوبية.. تتناغم مع سيرورة الحدث، ومأزقه النفسي والاجتماعي عبر نقلات دلالية في النص القصصي من الوصف إلى التعليق.. ومن التساؤل الضمني.. إلى التأويل..!
** كان فضاء نصوص جار الله من السعة والتأثير.. بحيث استرعت اهتمام وانتباه الحاضرات والحاضرين.. وبصوت مثقل بألم ما.. كاد يجرحه البكاء.. قدَّم جار الله الحميد.. باقة من أروع ما كتبه.. كما عبَّر الأستاذ نايف فلاح.. أحد أنبه الحضور..!
وفي الضفة الأخرى من المنصة.. قدَّم الكاتب (زياد السالم) عدة نصوص.. حرص على أن يجسدها تعبيراً في مقاطع صوته ومساحاته؛ همساً وجهراً ونبراً متوازناً مع إيقاع جمالي لغوي.. تنعقد عليه تجربته الجديدة.. التي وصفها الناقد حسن المصطفى بالنص المفتوح.. واستغرق بالتعريف بهذا (النص)؟
** وإن كان نص (زياد السالم) يُعد خروجاً عن المعايير التقليدية في الكتابة ومغايراً بفضائه لنصوص (جار الله الحميد) - حيث تتراسل فيه مكونات وسمات عدة أجناس إبداعية.. ظهر الكاتب في قراءته لها أشد ما يكون انفعالاً بالمكتوب..!
وبالرغم من مجانفته للذائقة العامة.. بجمهور الحاضرين والحاضرات (نسبياً) إلا أنه بدا مصراً بدهشة وثقة على مواصلة القراءة.. التي لم تعدم نهائياً من يتفاعل أو يفاجأ بها..!
** وربما كان ضيق الوقت.. ومناخ الوعي العام للجمهور والاشتراطات القبولية لذوائقهم.. سبباً في وهن وصول رؤية الكاتب المتميز زياد السالم.. بالرغم من إلمام الناقد حسن المصطفى بالتجربة ومحركاتها المرجعية.. وآفاق جمالياتها ومحاميلها.. وما تنطوي عليه من إمكانات معرفية وحمولات جمالية ودلالية..
حيث ارتجل المصطفى قراءته النقدية.. التي حدد عناصرها بعدة نقاط فقدَّم قراءة سريعة لنصوص (السالم) عكست استيعابه الدقيق لطبيعة هذه التجربة ومراحل تناميها.. وفي الدقائق الأخيرة من الوقت المخصص للأمسية.. أجاب المصطفى على أسئلة ومداخلات الجمهور..
** وأعلن عن نهاية الأمسية، فيما سيكون مساء الثلاثاء القادم.. وعلى ذات المنصة.. أمسية شعرية للشاعر محمد زايد الألمعي.. يقرؤها نقدياً الشاعر الناقد خالد الأنشاصي.. ويقدمها الشاعر عيد الحجيلي..
وهي الفعاليات التي ستستمر إلى نهاية ذي الحجة.. في تنوع ينم عن دقة في الاختيار.. ويأمل أن يتفاعل الجمهور الغائب..!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved