Sunday 19th December,200411770العددالأحد 7 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

أسَر (الشُّهداء) .. وأسَر (الهَالكين) أيضاً..؟!! أسَر (الشُّهداء) .. وأسَر (الهَالكين) أيضاً..؟!!
حمّاد بن حامد السالمي

* كلما وقعت مواجهة أمنية بين رجال الأمن وبين عناصر من الخوارج في هذه البلاد المحروسة، أشعر بقلق كبير حيال أبرياء من الأطفال والنساء والأمهات والآباء، سواء من أسر جنودنا البواسل الذين يدفعون أرواحهم فداء لوطنهم وأمنه وأهله، أو من أسر أولئك الأشقياء الهالكين، الذين هم أيضاً ضحايا انحرافات فكرية، وضلالات مشيخية، أخذت منهم عائلهم، الذي كان ملء السمع والبصر في حياتهم..
* ماذا نفعل لهؤلاء وهؤلاء..؟
- في مثل هذا الأمر الإنساني الجلل والجليل معاً، هذا تنبيه لطيف، تلقيته من أخي الدكتور (عبدالعزيز بن علي المقوشي)، وهو وجه إعلامي معروف، يشير فيه إلى مبادرة الشيخ (زيد بن محمد آل حسين الشريف)، رئيس مجلس إدارة شركة عقار القابضة، حيث خصص مبلغاً قدره (15) مليون ريال، نواة لأوقاف تحمل اسم (أوقاف موحد الجزيرة)، تخصص لصالح شهداء الواجب، في مساهمة (سوق بني النجار)، التي تملكها الشركة بالمدينة المنورة، وقد أعلن عنها سابقاً في الصحف، ثم وجدت صداها عند جهات ومؤسسات كثيرة، أعلنت دعمها لهذا المشروع الوطني الرائع.
* إن عدداً من رجال أمننا البواسل - ضباطاً وصف ضباط وغيرهم من المدنيين- قد سقطوا شهداء الواجب، الذي كانوا أهلاً له، سقطوا وهم يدافعون عن ترابنا الوطني كله، وهم ينافحون عن أرواحنا كلنا، فقدموا أرواحهم الزكية من أجلنا، من أجل أن تظل أرواحنا بعدهم، تحلق في سماء وطنهم الذي أحبوه فافتدوه، وتبقى سواعدنا من بعدهم، تواصل البناء والكفاح الذي بدؤوه. كانوا -رحمهم الله جميعاً- أبطالاً، فرساناً، شجعاناً، وقفوا وجهاً لوجه، أمام الخونة المارقين الضالين، فأذاقوهم الموت الذي أعدوه لغيرهم، فكان من هؤلاء الشجعان، من قضى نحبه شهيداً، فترك أسرة من نساء وأطفال، كان هو عائلهم، وكان منهم الذي أصيب فأقعد.. فماذا نحن فاعلون من أجل هؤلاء، الذين استرخصوا أنفسهم من أجل وطنهم ومواطنيهم..؟
* بكل تأكيد.. فإن المبادرة، الذي أعلن عنها رئيس مجلس إدارة شركة (عقار القابضة)، تعد فكرة جليلة، ومن واجبنا كمواطنين ورجال أعمال ومؤسسات وشركات، مؤازرة هذا المشروع الوطني النبيل، ودعمه حتى يصبح وقفاً كبيراً نافعاً اليوم وغداً بإذن الله، يعم بخيره كافة أبناء الوطن الأبطال، الذين يذودون عنه، في البر والبحر والجو، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، خاصة وهو يحمل اسم المؤسس الموحد (الملك عبدالعزيز) رحمه الله، فنحن نعيش اليوم ذكرى هذا الرجل العظيم، الذي لمّ الشمل، ونشر السلم، وقمع أهل الظلم والظلام في السبلة، وجعل لدولته مكانة علية بين الأمم، حتى جاء أهل الزيغ والفساد، يريدون تنكيسها، والحط من قدرها، وإعادتها إلى عصر الكهوف التي يتوقون إليها، فكان أبناء (الملك عبدالعزيز) ورجالهم الشجعان لهم بالمرصاد، فأكبتوهم وأركصوهم، وهذا هو مصيرهم ومصير كل عابث ضال في كل زمان ومكان.
* إن مثل هذا المشروع الوطني الجميل، هو أقل صورة من صور رد الجميل المتوجب، نقدمها لدعم ورعاية أسر شهداء الواجب، والمتضررين والمصابين والمقعدين، بسبب العمليات الإرهابية، التي نفذها الخوارج على التراب الوطني الطاهر، ومن واجب الجميع في هذا الوطن الخير، إعطاء الأولوية لمثل هذا المشروع، وفتح قنوات دعم كثيرة من الزكاة والصدقات، ومن ميزانيات الجمعيات الخيرية في البلاد، وليتنا نتبنى فكرة (ريال شهداء الواجب)، يتحول من المخصصات والمرتبات الشهرية، إلى صندوق الوقف، لعدد من السنين القادمة، توازي وتساوي مدة الحل الأمني المناط به اجتثاث خلايا الإرهاب أو تزيد أو تدوم، وكم أكون سعيداً، وأنا أرى الشعب السعودي يتبنى هذه الفكرة، فهي تحمل أكثر من معنى، وتشعرنا بأهمية الدور الذي نهض به إخوان لنا في أجهزة الأمن.
* هناك جانب آخر من المسألة، لعل القائمين على إدارة هذا الوقف، يضعونه في حسبانهم في المستقبل، وهو جانب أسر (الهالكين) من الإرهابيين، فهؤلاء مواطنون مصابون مثلنا، لا ذنب لهم فيما اقترفه آباؤهم أو أبناؤهم أو إخوانهم، فإذا كان (الهالك) من بين هؤلاء، كان يعول أسرة فيها نساء وأطفال وشيوخ، ثم ذهب إلى حتفه بما اقترفت يداه، فما ذنب هؤلاء الأطفال والنساء..؟ وأخص الأطفال الذين هم في أمس الحاجة إلى الرعاية والتأهيل الاجتماعي، وتصحيح مساراتهم الفكرية والتعليمية، ودمجهم في المجتمع، وإحساسهم أنهم مواطنون محبوبون، لهم حقوق وعليهم واجبات، فلا تزر وازرة وزر أخرى، وما ربك بظلام للعبيد.
* أحسب أن أسر (الأشقياء الهالكين)، مهما كانت الظروف المحيطة بها، أو بتوجهات البعض من أفرادها، هي ضحايا الإرهاب والإرعاب، مثل أسر شهداء الواجب تماماً. ومن هذا المنطلق، فهي تستحق الدعم والرعاية، ومن حقها في هذه الحالة، تعزيز الايجابيات الإنسانية والوطنية في شخوصها.
* من الصور التي ما زالت عالقة في الذاكرة، صور أبناء إرهابي هالك، كان يعيش مع أطفاله الصغار وسط ترسانة من الأسلحة والمتفجرات، بل ويدرب هؤلاء الصغار على استخدام السلاح، وأطفال آخرون كانوا في دار والدهم الإرهابي، يتناولون الماء والغذاء من ثلاجة، فيها رأس رهينة مقطوع..! ما شكل الحالة النفسية لمثل هؤلاء الأطفال الأبرياء..؟ وكيف نعيدهم إلى الوضع الطبيعي في الحياة..؟
* هذه في الواقع، هي مسئولية الدولة والمجتمع، ومن صلب هذه المسئولية، الالتفات إلى تنمية الموارد المالية، التي تعين الأسر التي فقدت عائلها، أو فقدت جهده بسبب الإعاقة، سواء كان من المدافعين الشرفاء، أو من الأذناب الأشقياء.
* لقد احتفلنا قبل شهرين، بيومنا الوطني المجيد، الذي يصادف غرة برج الميزان من كل عام، فهذه مناسبة عظيمة، تجعلنا نتشبث بالعدل أكثر من ذي قبل، لأن كياننا الكبير، إنما قام على العدل، والأمن يتعزز ويتحقق بالعدل.
ومن العدل في يوم العدل، توفير الأمن النفسي والمعيشي، لكل أسرة فقدت شهيداً أو شقياً في الحرب على الإرهاب.
* فكل ميزان وأنت يا وطني رمز لميزان العدل، ومنار للحق الذي يزهق الباطل.. إن الباطل كان زهوقاً.

fax:027361552


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved