كم في الحياة من أحباء، ننسجم معهم في كنف الأبوة والأخوة، ولكني مع أخي عبدالله - رحمه الله -، أحس بحنوِّه عليّ كما أني أعيش معه في كنف البنوّة؛ ذلك أنني ألقى منه دوما التشجيع الأدبي والتشجيع المعنوي والإكرام الحسن الجميل. وعندما أسمع منه ذلك لا أعدم منه معلومة أو خاطرة يشملني بها ويتحفني إياها.. مرة معلومة عن الشافعي الإمام، أو جملة للرافعي الأديب، أو مسألة فقهية من الأئمة الثقات، الأمر الذي أكتسبُ منه فكرة وخبرة، ويعيدني إلى عالم العلوم النافعة والآداب الجميلة.
لقد كان (عبدالله) ركنا في منزل الوالدين، رحمهم الله جميعا وحشرني وجميع العائلة وأفراد الأسرة من أخوة وأهل وأبناء في الجنان.. آمين.
كان شعلة من بصيرة، ووقدة من نشاط، وهمة في عزم على قضاء الأمور والشؤون الخاصة والعامة، أعمالا وإنجازا ووفاء.. لقد أعطى مما هداه الله به كل بر وإحسان وعطاء، ولا يخلو مقامه من الإخوان والخلان الأوفياء معه، والوفي هو معهم!.
هؤلاء الذين عرفوه وعايشوه في المنشط والمكره وعلو الهمة.. أبناؤه هم على نفس المسيرة وعين الوتيرة أدبا ونشاطا وعملا.
لقد فقدتك جسدا ومادة، ولكني لم أفقد ذكراك الوفية وفكرك المستنير وعلمك النافع والحنوّ والزكاوة والإحسان والبر.. لقد أحبك ذوو القربى والعارفون لك والعائشون معك، كلهم - وأنا معهم - يودك ويحبك. كلنا ذاكرون بالدعاء إلى الله لك بالغفران وحسن المثوبة وعظيم الأجر، وصبر الفقد وقضاء الله جل في علاه، إنه الحق.. إنه عالم الفقدان الذي يؤول إليه كل حي، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.
|