Friday 17th December,200411768العددالجمعة 5 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الريـاضيـة"

لنتخلَّ عن النظرات الملونة قبل أن يتحول ضجيج النقد إلى معول هدم لنتخلَّ عن النظرات الملونة قبل أن يتحول ضجيج النقد إلى معول هدم

* كتب - سالم الدبيبي:
* في ظل هذا الضجيج النقدي الذي يتردد صداه في العديد من القنوات الإعلامية المرئية والمسموعة وكذلك المقروءة، تتباين الآراء باختلاف التوجهات حيناً أو الجهل والقصور التخصصي في أحيان أُخر، ولا يمكن تجاهل ما قد يؤثر به ذلك من انعكاسات سلبية على دوران العجلة الرياضية السعودية وسيرها المؤمل باتجاه التصاعد.
* النقد لا شك أنه ضروري ومطلوب كاستقراء يحدد مكامن الخطأ لغرض إصلاح الخلل وسد المنافذ أمام أي قصور.. ولكن وكأي وسيلة أخرى، النقد لو وجه بغزارة بين غث وسمين ستختلط عناصره وتتشوه معالمه، ما سيؤدي بالتالي إلى انحرافه عن الوصول إلى تحقيق الغاية.. بل على العكس تماماً قد يكون معولاً يهدم محاولات البناء، ويكرس صورة مرعبة ومخيفة للاعلام، تحتل مكان الدور الحقيقي والفاعل له.. ولا أدنى شك أنه لم يصل إلى هذا المستوى ولله الحمد، لكن تظل الحاجة ملحة للوقفة والتأمل ومن ثم العلاج، لتطهير الجسد الإعلامي قبل أن يستفحل مصابه ويفقد عافتيه، في وقت نحن بحاجة لأن يشغل مكانته بكل اقتدار ليزاحم غيره بعد أن أصبحت الساحة متاحة لجهات كثيرة ومختلفة تحمل تجاهنا سهاماً مسمومة مغلفة ببريق الجذب ولمعان التشويق.
* هذا المطلب من المفترض أن يكون بسياق عام ولا يقتصر على التطرق إلى تبعات مرحلة معينة، كالتي نمر بها حالياً، حيث نعيش فعاليات دورة الخليج السابعة عشرة، وهي المناسبة التي فجرت دوي ردة الفعل غير الطبيعية، للخسارة التي مني بها منتخبنا في مستهل مبارياته أمام الكويت.. لقد تعددت الآراء وتسابقت الأصوات، كل يحاول أن يضع لنفسه موقعاً تأثيرياً أكثر من الآخر (بغض النظر عن الكتابات المريبة، أو المداخلات الملونة) فالمتلقي المتابع تجاوز بمسافة حقبة الإملاء والتوجيه التي صارت من مخلفات الزمن، وأصبح يفرق بين صالح الطرح و (طالحه).. دعونا ننظر للأمر وكأنه يتجرد من أي مؤثرات.. وكمثال: هل جاءت الخسارة جراء أخطاء فردية من بعض اللاعبين؟.. حينما نراها بالأهداف التي سكنت مرمى منتخبنا!!.. ستكون الإجابة بنعم، لكن ما نوعية هذه الأخطاء؟؟.. للأسف أنها توقيتية بعدما فعل اللاعبون ما يجب، لكن التوفيق جانبهم وأخفقوا بفعل الظروف غير الطبيعية التي لم تتح لهم خيار ردة الفعل المطلوبة، في وقت ضيق لا يتجاوز جزءاً من الثانية، وهي أخطاء لا تستحق حتى التطرق لها أكثر من مجرد التنويه، على اعتبار عفويتها وندرة تكرارها.. فهي إذاً لا تستحق أن تبرز كمعيار يقيس أداء اللاعبين وإمكانياتهم.
* هل من المنطق أن تتشابه نظرتنا تجاه خطأ على أثر تصرف خارج المنطق، مع آخر لا يتجاوز حدوده لكنه عفوي؟؟.. وللتوضيح أكثر: (لو قام شخص بضرب طاولة زجاجية بقبضته وأرداها هشيماً، بينما أراد شخص آخر النهوض من مكانه واصطدمت قدمه بالطاولة فكسرت) هل تتساوى لدينا ردود الأفعال تجاه الفعلين؟؟ وهل نطلب من الثاني ألا ينهض؟ كما سنطلب من الأول ألا يكرر فعلته، بصراحة ما انهمر على رؤوسنا بعد المباراة غالبه الطاغي كان لا يختلف عن ذلك وللأسف نحسبه كما يسمى (نقداً).
* ترى هل نعي جيداً مردوده السلبي؟؟ ببساطة كان بإمكان المدافع تكر عدم القيام بالحركة التي أراد من خلالها استخلاص الكرة والجري مع اللاعب المنفرد حتى يضع الكرة بالمرمى كسيناريو طبيعي لا يمكن لأي متابع أن يلومه عليه، ثم كان بإمكان الدعيع الوقوف بعدما تجاوزته الكرة بحركة طبيعية تتكرر لأي حارس مرمى مهما كانت قدراته، يرتاح من التبعات التي ضجت بين اليد والقدم.. أيضاً الدوخي كان عليه ألا يقف مع زملائه بحائط الصد حتى لا تصطدم الكرة بيده وتنحرف إلا المرمى كما علق أحدهم يصف حماسه حينما قفز لصد الكرة (بحركة العصفور).
* للأسف ألف وأكثر... لا ندري أننا بهذا التهويل غير المختص نقتل بلاعبينا روح المبادرة ونكبل شجاعتهم بالخوف من غول النقد إلى درجة قتل الموهبة في مهدها وقبل النمو حينما يكرس لدى النشء تعاملنا مع النموذج القدوة.. لا نفرق بجلدنا بين أخطاء ناتجة عن اجتهاد والأخرى وليدة الإهمال وعدم المبالاة.. وفي سعينا إلى تطوير بأمل بلوغ العالمية كمحترفين، سنصطدم بأرضية فكرية هشة لا تقوى على حمل خطواتنا التي نتأمل أن تكون واثقة بقيادة الرجال الذين كرروا مراراً دون أن ينفد منهم الصبر (انقدوا وتحاوروا وقدموا أفكاركم.. ولكن حسب الأصول المفضية للفائدة).. لننقد ونضع المجهر على الأخطاء، ولكن بمنظور آخر وعقلية مختلفة غير التي تطالب بكرة حديثة وعصرية تنسجم مع العالمية (وهي تضع للمدافع عذر تشتيت الكرة بعشوائية عوضاً عن بناء هجمة من الخلف، نظراً لخوفه التمرير حتى لا يخطئ بعفوية ومن ثم يتم إحراقه من أجندة الملاعب بتحميله خسارة تعود إلى شجاعته وأدائه حسب الأصول).
وأخيراً لقد أبدع الدعيع إلى درجة احتلاله أفضلية القارة على مدى قرن.. ولكن هل ننتظر بديلاً يوازيه أو بطموح أعلى يفوقه، ونحن نطالبه أن يتخلى عن أهم مميزاته كسيد للصندوق وأن يبقى أسيراً لخط المرمى حتى لا يخطئ ويترك مسؤولية ذلك للمدافعين... من النادر أن تتكرر صفات شخصية بتلك القوة قادرة على تحمل وصد كل السهام الموجهة بغرض منها أو تلك المطلقة من فلسفة جاهلة تدّعي المعرفة بما هو مقتصر على فئة متخصصة ذات تجربة ودراية.. لِنَحْمِ لاعبينا ونجونا منا ونساهم بدورنا الرئيسي في إبحار مركب رياضتنا إلى ضفاف البروز والتطور بنظرة هادئة متعقلة تتجرد من الذاتية إلى المصلحة العامة هدف ومبتغى الجميع.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved