Friday 17th December,200411768العددالجمعة 5 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

قيادة الجيل أَسْمى من قيادة الطائرة قيادة الجيل أَسْمى من قيادة الطائرة

تعقيباً على مقال الكاتبة أميمة الخميس في الجزيرة يوم الأحد 16 شوال 1425هـ بعنوان (صباح الخير يا هنادي) أقول: لقد هللت الكاتبة الكريمة بخبر تعيين (هنادي الهندي) بوظيفة (قائد طائرة) وعدّت ذلك فتحاً وتفوقاً وانتصاراً.
وبغض النظر عن ذلك يُلح عليَّ سؤال كبير هل تخلت (هنادي) عن كونها امرأة، هل يمكن أن تخرج عن طبيعتها كامرأة، هل يمكن أن يكون تحملها وصبرها وجرأتها كالرجل، وهل يمكن أن تكون في المقدمة ويكون الرجل في المؤخرة.. أسئلة كثيرة يجر بعضها بعضاً!!
إننا نتعلق بالأشكال ونغرق في الخيال كثيراً، وفي الوقت نفسه نبعد عن الحقيقة وتبلغ بنا الحيرة غايتها حين نظن أن إمساك المرأة لمقود السيارة ثم الطائرة هو التفوق كله، وهو العز والتطور والرقي!!
ولقد صادف قراءتي لهذا المقال أن سمعت خبراً عن اليابان يقول: إن رئيس الوزراء الياباني الأسبق كان قدم لمجلس الشيوخ صيغة قرار يقصر وظيفة المرأة على رعاية المنزل وإنجاب الأطفال وتربيتهم، وذلك أن اليابان تشكو اليوم من قلة الإنجاب ويتوقع أن تصبح نسبة الكهول بعد خمس عشرة سنة خمسين في المائة من السكان.. ومثل هذا النداء طرح في أكثر من بلد في أوروبا وآسيا.. وطرح في بلاد متقدمة علمياً وتقنياً واقتصادياً.. وينص مشروع القرار الياباني على تحديد مرتب للمرأة مقابل عنايتها بمنزلها وإنجاب وتربية الأولاد وان ذلك يعد وظيفة رسمية لها.
ونحن في بلادنا ننسى أو نتناسى هذه الحقيقة، ننسى أن وراء كل رجل عظيم امرأة، وننسى أن المرأة مربية الملوك والعلماء والقادة، وننسى أن فضل المرأة على كل منا كبير وكبير جداً، وأننا مهما قدمنا لها فلن نفيها حقها.. وننسى أننا في ظل الإسلام - ولله الحمد والمنة - نعد البر بالأم باباً من أبواب الجنة كما نصت على ذلك أدلة القرآن والسنة.
وإذا كان الأمر كذلك فهل في الوجود عمل للمرأة أشرف وأجل من وظيفة الأمومة ولماذا لا يكون احتفالنا بهذا العمل فوق كل احتفال وعنايتنا به أكبر من كل عناية.. ولماذا وأقولها - بمرارة - يكون تعلقنا بالمظاهر والأشكال والتقليد الأعمى؟!!
إنني - بما أشرت إليه أعلاه - لا أدعو لتخلي المرأة عن كل عمل خارج المنزل، ولا أنكر دورها في المجتمع ومساهمتها في رقي البلاد وتقدمها، ولكني أقول: إن لبناتنا وأمهاتنا أعمالاً تتناسب مع طبيعتهن ودوراً لا يمكن أن يؤديه غيرهن فلماذا لا يقتصر عملهن على ذلك.. وفوق ذلك كله أن لا يتعارض كل عمل تقوم به مع قيامها بمهام الأمومة والزوجية على أكمل حال ممكنة.
وليس ما نقوله يا أخت (أميمة) مرتبطاً بما تصفينه ب(اتهامات الخطيئة المتربصة بالنساء في كل زاوية ومنعطف) ولكنه البر بها والحب لها والتقدير لدورها.. وستعز البلاد ويعلو شأنها وتتقدم خطوات في سلم الرقي حينما تشارك المرأة في التعليم والطب وغيرهما من أعمال تبقي للمرأة جميع خصائصها النفسية والاجتماعية والفطرية.. ويكون عملها في كل ذلك مقرباً لها من الله تعالى لتفوز في (الدارين).
ورحم الله عمر بهاء الدين الأميري حينما قال:


هي الأم، ركن قدس الله شأوه
وأرسى به في الكون رحمته حقّا
وشاد على أقدامه جنة الرضا
وكرَّمه في الخلق مُذْ برأ الخلقا
وأمي لها في ذاتها وصفاتها
سجايا من الأمَّات، في نظري، أنقى
كأني بها صيغت من البر والتقى
وان لها في وجهها منهما ألقا
لقد أورثتني عن أبي شيم النُّهى
فلم أرتكب حوباً ولم أهتضم حقا
وقد صحبتني في سبيلي إلى العلى
ومن خلقي ألا أساق لها سوقا
وقد وَجَّهت طرفي إلى أرفع المنى
فأصبحت أبغي فوق ذروتها فوقا
جزى روحها الرحمن أكرم ما جزى
به البر والإيثار والخلق الأتقى
وسقى الضريحين اللذين فيهما أبي
وأمي، من الرضوان أطهر ما يسقى

يا كُلَّ امرأة هل هناك أجلّ وأسمى في الوجود من السعي لكسب ثواب الله في الدنيا ثم وجود أولاد صالحين يدعون ل(أمهم) بعد موتها.. وهذا شيء تصغر عنده مظاهر الدنيا كلها، وترخص من أجله كل التضحيات..
وأخيراً يجب أن يكون ميزاننا للأمور ميزان صدق وإنصاف ونظرتنا مُتسمة بالعمق والبعد وليس بضدهما وللكاتبة والجريدة تحياتي وتقديري.
عبدالعزيز بن صالح العسكر/الدلم


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved