التحركات الفلسطينية والجمود الإسرائيلي

تتميز الساحة الفلسطينية بتحركها الدائم باتجاه استنباط ما يمكن أن يدفع الأمور باتجاه التسوية، حتى وإن بدت بعض التحركات وكأنها لا تحظى بإجماع الساحة، فإنها على الأقل تخضع للأخذ والرد، بينما تدفع بموقف قابل للتطوير، فالحديث عن التخلي عن عسكرة الانتفاضة أو إسقاط الخيار العسكري من هذه المقترحات التي يجري طرحها على الساحة الفلسطينية، وفي كل الأحوال هناك إحجام إسرائيلي واضح عن التجاوب، أو حتى اتخاذ مجرد موقف مبدئي يشجع على ما هو مطروح..الدعوة الفلسطينية بشأن نوعية النضال المطلوب قد تعتبر نوعاً من اختبار النوايا لمواقف الآخر ومحاولة استدراجه إلى إبداء ردود فعل قد تسهم في تحريك الأمور باتجاه التسوية.. ومع ذلك فإن إسرائيل حتى الآن لم تعلق مجرد تعليق على هذا الطرح، الأمر الذي يؤكد رفضها لكل ما يمكن ان يقود إلى تسوية لا ترسم هي خطوطها الرئيسة، وهي بصفة عامة لا تتطلع إلى تسوية، بكل ما تعنيه الكلمة بل هي على استعداد لإعادة أجزاء من الضفة وغزة إلى أصحابها، وهي مساحات من الصعب إطلاق اسم دولة عليها..
فالواقع الجغرافي الحالي الذي رسمته إسرائيل والناجم بصفة خاصة عن إقامة السور العازل لا يترك مساحة لإقامة دولة عليها، والأصح انه يترك مساحات مقتطعة من الضفة وغزة، تصلح ان تسمَّى معازل سكانية تحاصرها المستوطنات ونقاط التفتيش والأسوار والأسلاك الشائكة..
وبالعودة إلى المطروح على الساحة الفلسطينية، نرى أن الرافضين لإسقاط عسكرة الانتفاضة يشيرون إلى أن تسلحهم هو من أجل الدفاع عن أنفسهم في ظل الاعتداءات الإسرائيلية التي لا تتوقف، أي انهم في موقف دفاعي..
ومن المهم دائما ألاَّ تتوقف الفصائل الفلسطينية عند نقاط تثير الكثير من الجدل الذي قد يتطور إلى خلاف يسفر عن قطيعة، خصوصاً إذا كان موضوع الجدل أصلاً لا يحرِّك ساكنا في الجانب الآخر، فدعوة إسقاط الخيار العسكري عن الانتفاضة، لا تؤدي إلى مواقف إسرائيلية إيجابية، ولذلك فهي تفسد فقط ما بين الفلسطينيين دون أن تحفز على تحرك إيجابي من الجانب الآخر، وهي لذلك مسألة مدمرة لواقع فلسطيني يجب أن يظل مبرَّأً من عوامل التشتت والوهن أمام عدو لا يفتأ يطرح التحدي تلو الآخر..