Friday 17th December,200411768العددالجمعة 5 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

رؤساء جمعيات تحفيظ القرآن الكريم لـ «الجزيرة»: رؤساء جمعيات تحفيظ القرآن الكريم لـ «الجزيرة»:
هدي القرآن الكريم أفضل الطرق لعزة الأمة والخروج من دائرة التخلف

* الجزيرة - خاص:
القرآن الكريم هو دستور الإسلام، وطريق عزة المسلمين، به سادت الأمة الإسلامية، وصنعت أعظم الحضارات الإسلامية، وقدمت للبشرية الكثير من النوابغ في علوم الدين والدنيا معاً. وتراجعت الأمة وهانت عندما هجرت القرآن الكريم إلى غيره من الأفكار والمذاهب التي شتت المسلمين فرقاً وشيعاً، فأصبحوا يتلقون العلم من غيرهم، بل ويعانون من أمراض الانحراف والغلو.
وهو ما يدفعنا للتساؤل حول فضل القرآن وأثره في حياة المسلمين، وكيفية استثمار تعلم القرآن في ترسيخ وسطية الإسلام، ومواجهة الغلو والتشدد وما هي مسؤولية جمعيات ومدارس تحفيظ القرآن تجاه أبناء وشباب الأمة؟ وغيرها من التساؤلات التي نحاول الإجابة عليها من خلال هذا التحقيق.
في البداية يقول فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة تبوك: إن الاهتمام بالقرآن الكريم والعناية به، والعمل على نشره وتعليمه، والحرص على مدارسته وتطبيقه، وبذل الجهد من أجله، من أفضل الأعمال، وأجل القربات، وأعظم الطاعات، وخير العبادات عند الله عز وجل. وهو مسلك الأخيار ومنهج الأبرار، وعنوان الفلاح وطريق النجاح في الدنيا والآخرة. إذ هو دستور هذه الأمة، ومنهج حياتها، ومصدر عزتها وسيادتها.
والذي يعيش مع القرآن، ويتفيأ ظلاله في نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها وتذوق حلاوتها، نعمة لا تدانيها نعمة، فالقرآن الكريم هو كلام الله الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، وهو أفضل الكلام على الإطلاق. بل لا يدانيه في الفضل كلام سواه، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.


هو الكتاب الذي من قام يقرؤه
كأنما خاطب الرحمن بالكلم
هو الصراط هو الحبل المتين
هو الميزان والعروة الوثقى لمعتصم
هو المنزل نوراً بيناً وهدى
وهو الشفاء لما في القلب من سقم
فمن يُقِمه يكن يوم المعاد له
خير الإمام إلى الفردوس والنعم

فهو الضياء والنور، والشفاء لما في الصدور، والحكم العدل عن مشتبهات الأمور، وهو السراج الذي لا يخبو ضياؤه، والشهاب الذي لا يخمد نوره وسناؤه، والبحر الذي لا يدرك قعره وغوره، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين الذي لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي غرائبه، من آمن به سبق، ومن قال به صدق، ومن عمل به نجا، ومن تمسك به فقد هدي إلى صراط مستقيم، فالسعيد من صرف همته إليه، وأوقف فكره وعزمه عليه، والموفق من وفقه الله لتدبره واصطفاه للتذكير به وتذكره.
ولا جرم أن حافظ القرآن الكريم، والعامل به، المتخلق بأخلاقه وآدابه، القائم به آناء الليل وأطراف النهار من الأخيار الأبرار. ولقد وعد الله حملة كتابه العظيم بالأجر ورفعة الشأن، والتميز في الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}.
القيادة والسيادة
ويضيف الشيخ الحميد: ويكفي معلم القرآن الكريم ومتعلمه شرفا وفخرا أن يكون من خيار هذه الأمة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقال: (إن لله أهلين من الناس، قالوا يا رسول الله من هم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)، وقال أيضا: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)، وقال أيضاً: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)، وقال أيضا: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين). والآيات والأحاديث الواردة في الحث على تلاوة القرآن الكريم وحفظه، ومنزلة الحفظة ومكانتهم، وما أعده الله عز وجل من الأجر والمثوبة على التلاوة والحفظ كثيرة جدا.
ولقد تبوأت هذه الأمة بفضل القرآن الكريم مركز القيادة والسيادة في العالم، وانطلقت تحمل راية النور والهداية للبشرية جمعاء، فالله أنزل القرآن الكريم ليخرج الناس به من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، قال تعالى: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }.
والقرآن الكريم كتاب هداية وتشريع، وله تأثير كبير في حياة المسلمين، ويدعو إلى القيم المثلى، والمبادئ السامية، فهو يزكي النفوس، وينير العقول، ويشحذ الهمم، ويدفع المرء إلى التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل، والاتصاف بالصفات النبيلة، والآداب الحميدة، والخصال الكريمة، والأخلاق الفاضلة، والمزايا الحسنة، والخلال الطيبة. ومن تمسك به وتربى على خلقه وهديه، صح فكره، وخلصت نيته، واستنارت بصيرته، واستقام سلوكه، وحسن عمله، ونال السعادة في الدنيا والآخرة. ومن أعرض عنه ضل وغوى، وخسر الدنيا والآخرة.
الوسطية والاعتدال
ويشير الحميد إلى أن القرآن الكريم يدعو إلى كل ما فيه خير وصلاح للفرد والمجتمع، وينهى عن كل ما فيه شر وفساد. فحفظة كتاب الله من خيرة الطلاب حرصا وانضباطاً وسلوكاً والتزاماً ودراسة وتفوقاً، بل هم المثل الخير لغيرهم، والقدوة الحسنة لإخوانهم في الأخلاق والآداب والسلوك، وقدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن، والذي أثنى الله عليه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، لأن القرآن الكريم كتاب رباني، ومنهج سماوي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، وأثره واضح في حماية النشء من التطرف والغلو، وصيانتهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية والعقدية، لأنه ما من خلق كريم إلا ودل القرآن عليه، وما من مسلك جميل إلا وأرشد القرآن إليه.
والمتصفح للقرآن الكريم، والتالي لآياته بتدبر وتأمل يدرك ذلك، فهو يقرأ فيه الدعوة إلى المحبة والتراحم، والألفة والتواصل، والعطف والتكافل، يقرأ فيه الدعوة إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له، والحث على بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإنفاق في سبيل الله، وحسن المعاملة، والعطف على الفقراء والضعفاء والمساكين والإحسان إليهم، والتحلي بالصدق والأمانة والعدل والوفاء بالعهد. يقرأ فيه النهي عن الشرك والكفر والظلم والخيانة والإثم والبغي والفحش والسرقة والزنا والزور والبهتان وقتل النفس بغير الحق.
ويؤكد الشيخ الحميد أن الجمعيات الخيرية، ومؤسسات تعليم القرآن الكريم في هذه البلاد الطيبة قامت، وتقوم بتوجيه من ولاة الأمر -حفظهم الله- بدور ريادي، وفاعل في احتواء الشباب والناشئة، وتربيتهم على موائد القرآن الكريم، وحفظهم من قرناء السوء، وحمايتهم من الغلو والتطرف، وصيانتهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية، عملا بتعاليم الإسلام السمحة، ومبادئه السامية المستمدة من منهج القرآن وهديه وأخلاقه، والتي تدعو إلى الوسطية والاعتدال، وتحث على التخلق بمكارم الأخلاق، ونبيل الصفات، وتربيتهم على الجد والاجتهاد، واستثمار أوقاتهم فيما يعود عليهم على أهليهم ومجتمعهم بالنفع والفائدة، ليكونوا منارات هدى ومشاعل ضياء، ولبنات صالحة في صرح هذا المجتمع الطيب المعطاء.
منهج سلف الأمة
من جانبه يقول د. علي بن محمد العجلان رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة القصيم: الخير كل الخير في قراءة القرآن وتعلمه وفهمه وتدبره، والعمل بما فيه. وأهل القرآن هم العاملون به، هم أهل الله وخاصته، وهم خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث عثمان رضي الله عنه: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة)، فيه حييت القلوب واستنارت البصائر، وتوحدت الأمة بعد اختلافها واضطرابها، فوحدها تحت راية الإسلام، وصحة المعتقد، وبه تتزكى النفوس وتسمو الأخلاق، فحامله يتصف بمراقبة الله تعالى في جميع أحواله، ويكون منضبطا وقافا عن حدود الله، حريصا على جمع الكلمة وتوحيد الصف، بعيدا عن الغلو والتطرف، سائرا على منهج سلف الأمة ذوي العقول الصحيحة، مراقبا لله في سره وعلانيته، حريصا على نيل الخيرية فيه، وذلك بتعليم الجاهل وإعانة الضعيف ونشر الخيرية في المجتمع، إلى غير ذلك من الآثار التي لا تعد ولا تحصى لهذا الكتاب العظيم.
جيل محب للخير
وعن كيفية استثمار تعلم القرآن الكريم في ترسيخ الوسطية، والمقومات الواجب توافرها في معلم القرآن، يقول رئيس الجمعية الخيرية للتحفيظ بالقصيم: الإسلام دين السماحة والعدل والوسطية والأخلاق الفاضلة البعيدة عن الغلو والتطرف، والقرآن الكريم يوطن حامله على العقيدة الصحيحة التي يتعبد بها الله عز وجل، والتي تعزز في المسلم حسن الخلق، والسلوك والعمل على مقتضى كتاب الله عز وجل، وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم الذي تقوم عليه المجتمعات الفاضلة النبيلة التي تربي ناشئتها على خلق القرآن الكريم، وآدابه السامية. فمن عرف القرآن الكريم وتعلمه وتدبره وأخذ بأمره ونهيه، وسار على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم عرف الوسطية الصحيحة التي يدعو إليها الكتاب والسنة، وانغرست معالم وقيم هذه الوسطية في نفوس حملة القرآن الكريم، وتربت على الرحمة وحفظ الحقوق والواجبات والإصلاح وطاعة ولاة الأمر، وترسيخ ذلك. وعليه فحملة القرآن الكريم هم أبعد الناس عن الغلو والتطرف والإرهاب، وهذا شيء مشاهد، ويؤكده الواقع. فنحن نرى في ناشئة القرآن في حلق الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، نرى الأخلاق الكريمة والتعامل المخلص وطاعة ولاة الأمر، لأن هذه الحلق تربي هؤلاء على موائد القرآن، يتخرج فيها جيل محب للخير نبيل في أخلاقه وتعامله، يلتزم الوسطية والعدل والتسامح. وعلى هذا فإن استثمار تعليم القرآن الكريم في ترسيخ الوسطية شيء مشاهد ويؤكده واقع حلق الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في أنحاء بلادنا المباركة.
ويؤكد د. العجلان على عظم وأهمية رسالة الجمعيات الخيرية ومؤسسات تعليم القرآن الكريم تجاه أبناء وشباب المسلمين، فيقول: لا شك أن للجمعيات الخيرية ومؤسسات تعليم القرآن الكريم رسالة عظيمة ودور رائد تجاه أبناء وشباب المسلمين، فهي المحاضن التربوية التي ينضوي تحتها عشرات الآلاف من خيرة ناشئة وشباب الأمة، بدافع الرغبة في تعلم كتاب الله وحفظه وتدبره والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه. فعلى هذه المحاضن واجب عظيم نحو ترسيخ الوسطية والاعتدال في شباب وناشئة الأمة الإسلامية الذين يتلون كتاب الله ويتدبرونه، ويتأدبون بآدابه. فيخرج جيل سوي نافع لأمته متوازن في أفكاره منضبط في أحكامه، عارف للحقوق والواجبات، قدوة للآخرين بما يحمله من فكر قويم بعيد عن التطرف يعكس الصورة الحقيقية الناصعة المشرقة للإسلام وأهله والتي تبين للآخرين بجلاء ما يتمتع به طلاب هذه المحاضن من أخلاق إسلامية فاضلة نتيجة التمسك بتعاليم الإسلام وهديه.
حياة القلوب
أما الشيخ محمد بن محمد البشري نائب رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة عسير فيقول: إن فضل القرآن ممتد من فضل الله تعالى، فأمة القرآن خير الأمم وخير الناس من تعلم القرآن وعلمه، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، ومجتمع بلا قرآن مجتمع جاهلي، فالقرآن حياة القلوب ودستور الحياة ومنهج ثابت عبر الزمان والمكان، صالح في كل العصور ولكل الأحوال، من حكم به عدل، ومن قال به صدق، ومن تلاه أجر، ومن اتبعه هدي إلى صراط مستقيم، إنه الخلق العظيم الذي وصف به سيد المرسلين في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ولما سئلت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها عن خلق المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم قالت: (كان خلقه القرآن) كان قرآنا يمشي بين الناس.
وبالقرآن كان للمسلمين السيادة والقيادة والقوة والمهابة، فمكانة الأمة مرهونة بقدر تمسكها بكتاب الله تعالى تلاوة وحفظا وتحكيما في جميع أمور الحياة، وما ضعفت الأمة وما هانت إلا عندما تخلت عن تعاليم الشرع الحنيف، وجعلته وراء ظهرها، قال تعالى: {..فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، ثم قال سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، والحق أنه لا إسلام بلا قرآن، وكما قال السلف رضي الله عنهم: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ}.
كما أن كتاب الله أول داعٍ إلى الوسطية في كل الأمور، وأعظم ناهٍ عن الغلو والتطرف، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ}، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}، وقال تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، وقال سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ}، والآيات في هذا الموضوع كثيرة جداً.
والمتدبر لآيات القرآن ونصوص الأحاديث الصحيحة يجد أن الأمر صريح، والدعوة إلى الوسطية والاعتدال واضحة كل الوضوح، كما أن النهي والتحذير من الغلو والتشدد والتنطع واضح بين وضوح الشمس، ولذلك فإن حماية الأمة شبابا وشيباً وصغاراً وكباراً في التمسك بكتاب الله تعالى واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}.
معالجة الظواهر
ويضيف البشري بأن القرآن الكريم أول وأعظم معالج لظواهر الانحراف والغلو، بل هو الوقاية والحماية قبل حصول شيء من ذلك، وهو الحصن المنيع والبرهان الساطع والحجة الدامغة والقول السديد والدليل الواضح في وجه كل متأول للآيات والأحاديث، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي)، وقال أيضاً: (طوبى للغرباء الذين يمسكون بالكتاب حين يترك ويحيون السنة حين تطفأ).
فالقرآن يدعو إلى الخير والأخلاق والتواضع والإحسان ولين الجانب والرفق والمعاملة الكريمة والتسامح والوفاء بالعهد والأمن والاستقرار، وعدم ترويع الإنسان، ويدعو إلى العدل، وينهى عن الظلم حتى ولو كان مع غير المسلمين. وبالجملة فالقرآن يدعو إلى كل فضيلة وينهى عن كل رذيلة، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}، وقال سبحانه وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}.
أما عن رسالة الجمعيات، ومؤسسات تعليم القرآن تجاه شباب المسلمين، فالحق انها رسالة عظيمة، تتطلب من الجميع أن يساندها ويعاونها ويشد من أزرها، ويقوم بحمايتها والدفاع عنها، ضد أي مغرض أو حاقد أو حاسد، وخاصة من ينتمي إلى الإسلام، ومحسوب على القرآن، ويدعي أنه من أهل الصيام والقيام. وإذا كانت الجمعيات الخيرية تبذل جهدها للقيام برسالتها، وبناء رجال الأمة، رجال القرآن، رجال العمل والإخلاص، رجال الفكر المعتدل والمعتقد الصحيح، رجال خير خلف لخير سلف، يحملون رسالة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فإنه مما يؤسف له أن نسمع من يتهم هذه المؤسسات الخيرية المباركة النافعة بتهم كيدية ساقطة لا تصح ولا تليق بل يستحيل في حق هذه الجمعيات المباركة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved