Friday 17th December,200411768العددالجمعة 5 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

شددوا على أن تجديده لا يعني المساس بالثوابت.. عدد من وزراء الشؤون الإسلامية: شددوا على أن تجديده لا يعني المساس بالثوابت.. عدد من وزراء الشؤون الإسلامية:
تجديد الخطاب الديني يعني تطوير الوسائل واللغة وقوالب الحوار

* الرياض - الجزيرة:
أجمع وزراء الشؤون الإسلامية والأوقاف في المملكة العربية السعودية والكويت ومصر والأردن على أهمية تجديد الخطاب الديني ليلائم واقع وأحوال الأمة الإسلامية ويجد طريقه المؤثر والمقنع عند دعوة غير المسلمين من أبناء الغرب أو الشرق.
واتفق الوزراء على أن تجديد الخطاب الديني لا يعني المساس بثوابت الدين، بقدر ما يراعي ترتيب الأولويات واستيعاب تنوع الفقه والفتوى بتنوع الزمان والمكان وأحوال المخاطبين.
مؤكدين أن الدعوة إلى هذا التجديد ليست أمراً غريباً عن الإسلام والفكر الإسلامي القادر على التعامل مع كل جديد باعتبار التجديد سنة الحياة.
خدمة الإنسانية
بداية أوضح معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن الخطاب الإسلامي يُعنى به كل ما يتعلق بإيصال الحق وبيان الشرع للمتلقين، وبيان حكم الله جل وعلا في كل شأن من شؤون الحياة العامة والخاصة، والخطاب الإسلامي ليس صورة واحدة أو نمطاً واحداً ولكنه متعدد الأشكال كخطبة الجمعة، والمحاضرة، والمقالة، والبيان، والفتوى، والكتاب والدرس، ونحوها، وإن كانت الخطبة والمحاضرة الأكثر استعمالاً بين الأنماط الأخرى مما يؤكد أهمية العناية بهما، خاصة أن وظائف الإمامة والخطابة والأذان، وظائف شرعية، وفيها المسؤولية الكبيرة، فلا يجوز المجاملة فيها، داعياً أئمة وخطباء المساجد والجوامع إلى وجوب الالتزام بالهدي النبوي في القيام بواجبات الإمامة والخطابة، وقال: إن واجبات الجميع في هذه الوظائف مؤصلة شرعاً، وإن التفريط في هذه الواجبات تفريط بما كان إيجابه بأصل الشرع.
وعن أدب الحوار والخطاب في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، قال معاليه: إن تعاليم الدين الإسلامي مواكبة لكل زمان ومكان وجاءت لخدمة الإنسانية وإخراجها من ظلمات الباطل التي توصل إلى النار، وإلى نور الحق واليقين الذي يوصل إلى مرضاة الله ونيل جناته، مشيراً - في هذا السياق- إلى أن مستجدات وظروف العصر تستدعي منا إعادة النظر في خطابنا الديني والدعوي، متمسكين بثوابتنا وعقيدتنا الإسلامية المستمدة من كتاب الله الكريم وسنة رسوله عليه أعظم الصلاة وأزكى التسليم، وقال: إن نوعية الخطاب الديني لابد من تجديدها، بحسب الأولويات وهذا له أصل شرعي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل كما في الحديث المتفق عليه على صحته: ( يا معاذ إنك تأتي قوماً أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله أو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أجابوك كذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)، فالبُداءة بالأهم ثم ثم المهم أمر ضروري، مشيراً إلى أن الأولويات تختلف باختلاف الزمان والمكان، كما أن ترتيب الأولويات يختلف باختلاف الناس.
ودعا معاليه إلى تجديد الخطاب الديني، لأن الخطاب الديني يحتاج اليوم إلى معرفة كثير من أنواع الفقه الموجودة في كلام أهل العلم، ومنها فقه القوة والضعف، إذا فتنوع المواقف، وتنوع الفقه، واختلاف حالة الفقه من حيث الضعف والقوة هذا مهم، والتجديد لا يعني تغيير الدين أو التساهل فيه، أو تبرير الباطل أو تزيينه، وإنما يعني التجديد في الوسائل واللغة وقوالب الحوار والمخاطبة، بما يحقق القبول لدى المتلقي، ويبعث على إشاعة الخير ونشره، وتجنب الشر ودفعه، فديننا دين عظيم، فلابد أن تكون وسائلنا في تبليغه غاية في الحكمة والرقي والنضج.
الخطاب السابق لم يعد مجدياً!
ومن ناحيته، قال معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت الدكتور عبدالله المعتوق: إن الخطاب الديني التقليدي لم يعد مجدياً، مؤكداً ضرورة تجديدالخطاب الإسلامي مع الحفاظ على الأصول والثوابت، وأنه قد حان الوقت لتجديده مع الحفاظ على الأصول والثوابت الإسلامية، وبخاصة في عالم اليوم الذي أصبح قرية صغيرة، بسبب ثورة الاتصالات والمعرفة والتكنولوجيا والتطورات المتسارعة في كل مجالات الحياة.
وأكد المعتوق أن الخطاب الديني السابق، أو التقليدي لم يعد مجدياً، ويجب أن نخاطب المسلمين واتباع الديانات الأخرى بلغة العصر، ووفقاً لمنهج إسلامي يقوم على الوسطية والاعتدال، وسماحة الإسلام المعروفة، مشيراً إلى أن الخطاب سواء كان موجهاً إلى المسلمين أنفسهم، أو إلى العالم الغربي، يجب أن يكون متجدداً وملائماً لأحوال المخاطبين، منوهاً إلى أن الفتوى تتغير باختلاف المكان والزمان، وكذلك الخطاب يجب أن يتغير حسب الزمان والمكان، سواء كان موجهاً إلى المسلمين أو إلى الغرب.
ودعا الوزير الكويتي إلى ضرورة مخاطبة الغرب بما يعقل وبالمعقول، وما أكثر المعقولات في ديننا، لأن الدين الصحيح لايمكن أن يخالف العقل السليم، أي أن النقل لا يخالف العقل الصحيح.
وقال الوزير المعتوق: إن كثيراً من الدعاة والخطباء المسلمين، وبخاصة من أبناء الأقليات المسلمة في الدول الغربية يقومون بالتعريف بالدين الإسلامي، ويدعون إلى فهمه وهم مدركون لأهمية الوسطية والاعتدال، وسماحة الإسلام، وأعرب عن أسفه البالغ لما تعانيه الأمة الإسلامية من أوضاع تتأرجح بين الإفراط والتفريط، ومن غلو متعدد الوجوه سواء الغلو الديني أو انحراف في الجانب الآخر عن منهج الدين الصحيح، مؤكداً ضرورة البعد عن التشدد في الدين، وفي الوقت نفسه على عدم تمييع الدين في توازن صحيح، واتباع الوسطية في كل الأمور.
ترسيخ القيم والتسامح
أما معالي وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق، فقد قال: إن الخطاب الإسلامي المعاصر لا يجوز له أن يظل أسير قوالب معينة وأطر جامدة لم تعد تتناسب مع تطورات العصر ومتغيرات الحياة، وهذا يعني ضرورة تطوير وتجديد الخطاب الإسلامي المعاصر، مشيراً إلى أن الدعوة إلى هذا التجديد ليست أمراً غريباً عن الإسلام والفكر الإسلامي، فالتجديد هو سنة الحياة وقانون الوجود، والمقابل للتجديد هو الجمود.
وأضاف قائلاً: وإذا كان الإسلام يعد ديناً للحياة بجميع أبعادها فإن الجمود في حياة الأمة الإسلامية يعد حكماً بالموت المعنوي للأمة، ومن هنا وجدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)، وهذا التجديد الذي يقصده الرسول صلى الله عليه وسلم يعني من ناحية إحياء السنة، وإماتة البدعة، وجلاء مرآة الدين لتعود صافية نقية، ومن ناحية أخرى تفعيل مبدأ الاجتهاد الإسلامي في أمور الدين والدنيا على السواء، من أجل مواكبة مستجدات كل عصر، وملاحقة التطورات المتسارعة في جميع مناحي الحياة.
ورأى الدكتور زقزوق أن الاجتهاد هو الآلية المستمرة للتجديد في الإسلام، وبعبارة أخرى هو (مبدأ الحركة في الإسلام) كما يقول محمد إقبال، وإذا كانت الحياة في حركة دائمة، فإن روح هذه الحركة هو الاجتهاد بالمعنى الشامل الذي يجددها بصفة مستمرة، وقال: ومن ذلك يتضح أن هذا الدين الذي يحث على الاجتهاد ويتمسك به، ويعلى من شأن العقل الإنساني، ويوصي بالتجديد المستمر لحركة الحياة، لهو دين قادر على مواجهة أي مشكلات تنشأ الآن أو في المستقبل مهما اختلفت الظروف وتباينت الملابسات.
وطلب الدكتور زقزوق الدعاة في كل العصور بالسير على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وترسم خطاه نظرياً وعملياً، وهم مطالبون أيضاً بالانفتاح على العالم الذين يعيشون فيه، والوعي بمشكلات العصر وقضايا المجتمع، والتجديد المتواصل في خطابهم الديني، انطلاقاً من حديث التجديد الذي أشرنا إليه.
وخلص الوزير المصري إلى القول: إن التجديد في الخطاب الإسلامي المعاصر ينبغي أن يكون تجديداً شاملاً لكل عناصر هذا الخطاب، وهذا يعني من ناحية التركيز على الترغيب والتيسير ورفع الحرج وفتح باب الأمل أمام الناس بدلاً من التخويف المتواصل والترهيب المستمر، الذي قد يؤدي إلى الإحباط واليأس، ويعني من ناحية أخرى ضرورة الاهتمام بالقضايا الملحة في المجتمع حتى لا يكون هناك انفصال بين الخطاب الإسلامي وواقع الحياة في دنيا الناس، ويندرج في ذلك بطبيعة الحال الاهتمام بالقيم الإسلامية الدافعة إلى تقدم المجتمع وإعمار الكون بالعلم والعمل، والتعاون مع كل الأمم والشعوب من أجل نشر السلام والاستقرار والأمن، وترسيخ قيم الحق والعدل والتسامح في العالم بأسره.
الدعوة للوحدة والائتلاف
أما معالي الدكتور أحمد هليل وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني فقال: إن الخطاب الإسلامي المعاصر يجمع بين أصالة الفكر وروح الدين وعلوم العصر بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، وأن الخطاب الإسلامي ييسر ولا يعسر، ويبشر ولا ينفر، يطهر ولا يشهر، يلتزم اللين واللطف، وينأى عن الفظاظة والعنف ولا يفضح، يداوي ولا يجرح، يلتزم الجدة وحسن التصرف، ويدع الحدة والتطرف، خطاب لا يأس فيه ولا تقنيط، وهذا منهج الحق.
ودعا الوزير الأردني إلى تبني خطاب يدعو إلى الوحدة والائتلاف، ويحذر من الفرقة والاختلاف في ظلال أمة إسلامية عربية واحدة ربها واحد ونبيها واحد وكتابها واحد تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله في وسطية تجمع عزة الإيمان وسكينة الاطمئنان والأمان وكرامة الإنسان وفضيلة الإحسان فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تطرف.
وفي السياق نفسه، أكد معاليه أن الخطاب الإسلامي المعاصر يجمع بين العلم والدين والثقافة والتراث يقدر الماضي، ويثق بالحاضر، ويتشرف المستقبل، وينبثق من منهج عقلاني راشد يحترم الرأي والرأي الآخر، ويرسي قواعد الحوار الهادف الهادئ البناء وصولا إلى حوار الحضارات وتعاون الثقافات وتفاهم الشعوب والمجتمعات، منهج لا يميز في الكرامة الإنسانية والجنس البشري كل لا يتجزأ، ووحدة لا تنفصل، فالناس كلهم عباد الله والخلق سواسية عند الله، يوجه خطابه للناس كل الناس (يا أيها الناس، يا أيها الناس يا بني آدم، يا عبادي)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود ولا أحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح)، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }سورة الحجرات (13) وتلكم هي عالمية الرسالة والمنهج.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved