Friday 17th December,200411768العددالجمعة 5 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

رئيس المجلس السويدي للأئمة لـ «الجزيرة»: رئيس المجلس السويدي للأئمة لـ «الجزيرة»:
بعض الفتاوى تضر بثقافة التعايش واستقرار الإسلام في الغرب

* السويد - خاص بالجزيرة:
حذر رئيس المجلس السويدي للأئمة الشيخ حسان موسى من النهج الذي ينتهجه بعض الأفراد والفئات العاملين في الحقل الإسلامي بالدول الأوروبية القائم على التشدد والغلو، ولا سيما مع المخالفين في الدين أو المذهب أو الفكر أو السياسة.
ونبه الموسى - في حديث ل(الجزيرة) - إلى أن هناك بعض الأفراد العاملين في الحقل الإسلامي يسعون إلى تأزيم العلاقة بين الأقليات المسلمة في بلاد الغرب وبين هذه البلدان التي تعيش فيها من خلال بعض الأطروحات والأفكار التي تؤصل للعنف والتطرف وترفض الآخر، حيث تنحو نحو التشدد في الفتوى والتنفير في الدعوة، تستجلب الماضي والتاريخ لتحيي معارك وهمية وقضايا خلافية بقصد شق صف المسلمين رغم أن العلماء تصدوا لها بالدراسة والتحليل.
وأبان الشيخ حسان موسى أن الدين الإسلامي الحنيف جاء خطاباً للبشرية كلها ودعوة للفطرة الأصلية، فقام على خطاب النفس كلها عقلا ووجداناً وحساً واعتمد على البرهان والتفكير والتدبر في آيات الله والكون والنفس والحياة وحرم القسر والإكراه وأوجب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن وتجاوز بنظرته الجنس واللون وخاطب الناس جميعاً بأنهم من أب واحد وأم واحدة، واحترم تعدد شعوبهم وقبائلهم ولغاتهم واعتبرها من آيات الله، ويقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ}، وقول الحق سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وأكد رئيس المجلس السويدي للأئمة أن هذه الصحوة المباركة في الأمة الإسلامية تسير بخطى هادئة وهادفة، فالهدف عندها واضح، يقول الحق سبحانه وتعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، ويشير حسان موسى إلى أن الطريق جلي تستشرف المستقبل، وتساير السنن، وتعتبر أن ليس كل قديم أصيلاً ولا كل جديد دخيلاً، وتقبل الحق والنصح، وتعتمد الحوار، وترفض الإقصاء والتحجر، وتجمع بين فقه النص وفقه الواقع، دستورها قول الله سبحانه وتعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
ومضى الشيخ حسان موسى - في السياق ذاته - يقول: ولأن هذه الدعوة مباركة تراعي التغير والتقلبات سواء أكانت محلية أو دولية وتتفاعل مع الواقع وتستجيب لمتطلبات المرحلة فإن قادة ومسؤولي المؤسسات الإسلامية في بلاد الغرب ومع أحداث (11) سبتمبر وما صاحب ذلك من تداعيات تعالت أصواتهم منادية بإعادة صياغة الخطاب الإسلامي، خاصة في بلاد الغرب، كما انضم إلى هذه المطالبة بعض عقلاء الغرب، حيث أضحت فكرة مراجعة الخطاب الديني وخصوصاً بالنسبة للآخر، ونظرتنا إليه وموقفنا منه ديدن الكثير من هؤلاء، وهذا الكلام قد يكون بعضه حقاً وبعضه باطلاً، وبعضه حقاً أريد به باطل.
وفي نفس الشأن، طالب رئيس المجلس السويدي للأئمة - في معرض حديثه - كل مسلم يعيش في الدول الغربية بأن يراعي في خطابه وما يصدره من أحكام وتصريحات مكان المدعوين وزمانهم وظروفهم مع مخاطبة كل قوم بلسانهم ليبين مع الاجتهاد في إفهامهم، حتى يكون بلاغه لهم بلاغاً مبيناً كما شأن بلاغ الرسول - عليه الصلاة والسلام -، يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}.
وشدد الشيخ موسى على أن الأمة الإسلامية، وخاصة المسلمين الذين يعيشون بين أهل الكتاب في أمس الحاجة إلى الأخذ بالناس بالرفق فيما نأمرهم به أو ننهاهم عنه مع التدرج في الدعوة والتعليم والخطاب، حيث نقدم العقائد على الأعمال، والفرائض على السنن، ومحاربة الكبائر على الصغائر، والمحرمات على الشبهات والمتفق عليه على المختلف فيه، لأن التدرج ضرورة شرعية وسنة كونية، لذلك نجد المحققين من أئمة الدين وفقهائه قد قرروا أن الفتوى تتغير بتغير الزمان، والمكان، والعرف، والحال، والفتوى، لأنها تتعلق بأحكام الشرع، وقال: إن نفس هذا المنطق يقول: إن تغير الدعوة أو الخطاب بتغير الزمان والمكان والعرف والحال أحق وأولى.
واستطرد يقول - في السياق ذاته -: إن ما يقال لأهل الإسلام غير ما يقال لأهل الكتاب، وما يقال لحديث العهد بالتوبة غير ما يقال للمسلم العريق في الإسلام، وما يقال للمرأة غير ما يقال للرجل، وما يقال للشباب غير ما يقال للشيوخ، وما يقال للسياسي غير ما يقال للعادي، وما يقال للمسلم في دار الإسلام غير ما يقال للذي يقيم في غير دار الإسلام، مؤكداً أن ما نسمعه من فتاوى وتصريحات وخطابات وألفاظ تجرح مشاعر الآخرين لا تخدم ثقافة التعايش والتسامح والحوار واستقرار الوجود الإسلامي في الغرب، مضيفاً إلى أنه آن الأوان لخوض لغة الخطاب الهادئ والهادف، الذي يجعل المتردد يقتنع، والخائف يطمئن، والمتوتر يهدأ، حتى الحاقد والمعادي قد يخفف من حقده وعداواته، يقول الله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وخلص رئيس المجلس السويدي للأئمة - في ختام حديثه - إلى أن الوجود الإسلامي حقق في الغرب العديد من الإنجازات المهمة خلال العقود الماضية، معرباً عن الأمل في أن تتضح للجميع السلبيات والأبعاد الغائبة في الخطاب الإسلامي والتي تقف عائقاً أمام إيصاله إلى المسلمين من أبناء الأجيال الجديدة التي نمت وترعرعت في الغرب وإلى غير المسلمين ممن يعيشون بينهم ويتواصلون معهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved