* بقلم: المحرر الفني :
إن مقدرة إنسان ما.. على تقمص عدد من الشخصيات.. وتمثيلها بأصوات مختلفة يعتبر من الصعوبة بمكانة كبيرة.. والممثل عبد العزيز الهزاع صاحب هذه المدرسة الفردية في التمثيل.. والذي يمثِّل قرابة سبعة عشر صوتاً في الإنسان والحيوان والآلة.. بإجادة تامة.. ببديهية وسرعة خاطر تجعلك تجازف أحياناً وتشك في عدم قدرة إنسان ما على تمثيل تلك الشخصيات.. وبما يتطلبه الموقف التمثيلي من خفض..ورفع.. دونما تلكؤ.. أو تمهل.. وهذا اللون يشترك فيه اثنان من فنانينا هما الفنان عبد العزيز الهزاع والفنان سعد التمامي، إلا أن الأول أكثر مقدرة من الثاني للخبرة التي اكتسبها من خلال ممارسته لهذا اللون فترة طويلة..
إن هذا الفن الذي أدهشنا وأدهش النظارة من الدول العربية الذين شاهدوا هذين الممثلين يعرضان فنهما على مسارح الدول العربية الشقيقة بإجادة.. وتفنن قد نعتبر أصحاب السبق فيه.. وقد لا يتوفّر على شاكلة هذين الفنانين في دول العالم أي ممثل كان..
ولكن هذا اللون الذي قد لا ينجح إلا للتمثيل الإذاعي لكي يكون أكثر حيوية وتشويقاً.. لا سيما أن الإنسان يعيش معهما بخياله فيتصور (أم حديجان) الشخصية الرئيسية لأسلوب التمثيل لدى (الهزاع) عجوز عركتها الحياة.. وأهلتها التجربة على أن تكون المرأة العاقلة المتزنة.. وصديقة لا يستغنى عنها أي بيت في علاج مشاكله وحل معضلاته.. وقد يكون التمثيل علاجاً مباشراً للعديد من مشاكل المجتمع.. والتي لا يخلو منها أي بيت.. وأي أسرة.. فتكون وسيلة تأثير غير مباشرة.. وأسلوب توعية ناجح.. تمت صياغته في قالب مشوّق.. وأخاذ.
إن شخصيتي (أم حديجان) و(أبو دحيم) الشخصية التي يحرص الفنان سعد التمامي على تقديمها في أعماله كبطل من أبطال عائلته التمثيلية.. تلتصق بالمجتمع.. وتعبر عن واقعة.. فأضحت شخصيات معروفة ومألوفة.. حتى لدى الأطفال..
إن عطاء هذين الفنانين والذي قد يتضاءل لاستهلكهما للعديد من خواطرهما.. وصياغتهما لها في قالب تمثيلي قد يكون السبب الأول الرئيسي في فشل العديد من أعمالهما.. فتوارد الخواطر.. والحالة النفسية عاملان مهمان في كتابة النص التمثيلي مما يجعلهما مقيدين بمشاكل معينة.. وأسلوب متجانس.. إن اختلفت أوجه العرض فيه لم تختلف الغايات والأسس المبنية عليه.. فكثيراً ما يعود أحدهما للتطرق إلى مشكلة قد تطرق إليها غيره.. والعودة لها بطريقة لا إرادية محضة..
وهنا يتطلب الموقف..ومنعاً لتكرار الممثل لأفكاره.. ومحاولة تجديدها أو الوقوع في رتابة الفكرة.. يستدعي الأمر تضافر العناصر القادرة على كتابة النص التمثيلي.. لمدهما بالنصوص.. وإن لم يتوفر ذلك فاقل القليل بالفكرة غير المطروقة.. في محاولة لبث روح التجديد في أسلوب هذين الفنانين وخروجهما عن المألوف..
كم تمنيت أن يشارك الهزاع والتمامي في تمثيل بعض النصوص التي لا تخضع لتلك الشخصيات التقليدية (كأم حديجان.. وأبو دحيم) لكي يحس السامع أن هناك شيئاً من التجديد.. وأن مقدرتهما وإجادتهما ليست وقفاً على تلك الشخصيات التقليدية.. ولست أعني أن يتخليا عنها.. فهي شخصيات ألفناها.. وتعاطفنا معها.. وكأنها شخصيات حقيقية.. لا خيالية.. إن افتقدناها.. افتقدنا المبضع الذي يستأصل الداء من واقع بعض المجتمعات.. وهي الحكم في كثير من الخلافات العائلية بأسلوب مرغوب ومحبوب..
وحبذا لو تضافرت جهودهما ونبذا خلافاتهما جانباً وعملا كثنائي ينصهر في بوتقة عمل جماعي.. فقد يستطيعان بهذا الأسلوب استقطاب عدد أكبر من المعجبين.. ويؤكدا نجاحهما كممثلين لمدرسة واحدة، وما أجمل أن يلتئم شمل أم حديجان.. بأبو دحيم.. وحديجان بحنش وسعيد لكي تكون هذه العائلة الفنية أكثر تفاهماً.. وانسجاماً.. بتعدد شخصياتها.. واختلاف هوياتها.. في الوقت الذي أصبح فيه نشاطهما يتضاءل ومواهبهما تعيش في منأى عن الجمهور.. وهي المواهب التي تعودنا مشاهدتها.. وتعددت أمامنا أعمالها..
لكيلا نفقد فنانينا الهزاع والتمامي.. وإلى أن نرى ذلك نتمنى لهما التوفيق والنجاح.
|