في مثل هذا اليوم من عام 1984 قام الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف بقضاء خمس ساعات من المباحثات الودية مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر، وذلك حسبما جاء على لسان مسؤولين حكوميين إنجليز. ولكن المسؤولين السوفييت قاموا بوصف المباحثات بدرجة حماس أقل باعتبارها مجرد مباحثات عمل.
وقد تضمنت المباحثات، التي عقدت في مسقط رأس تاتشر، العديد من القضايا الهامة ومنها سباق التسلح وتحسين الاتصالات بين الكتلة الشرقية والغربية. وكان جورباتشوف قد أشار فور وصوله إلى مطار هيثرو إلى رغبته في الحد من التوتر بين القوى الشرقية والغربية. وأضاف جورباتشوف إلى أن الفرصة سانحة للقضاء على سباق التسلح النووي، وأن هذه الفرصة يجب أن تستغل على أكمل وجه.
ولكن المباحثات بين الزعيم السوفييتي ورئيسة الوزراء البريطانية لم تتطرق إلى قضايا حساسة مثل موضوع حقوق الإنسان في الدولة الشيوعية. وقد تكتمت المصادر الرسمية على تفاصيل المباحثات ولكن تم كشف النقاب على أن الوفدين لم يتفقا على أسباب المشاكل العالمية ولكنهما اتفقا على أهمية القضاء عليها. وقد استمرت المباحثات بين الزعيمين على نحو أطول مما كان متوقعاً حيث قام جورباتشوف بإبلاغها رسالة من الرئيس قسطنطين شيرنينكو. وأشارت الرسالة إلى الالتزام السوفييتي بحضور مباحثات الحد من التسلح التي كان من المقرر أن تعقد في غضون ثلاثة أسابيع من هذا التاريخ.
وقد اعتبرت هذه الزيارة تطوراً هاماً في العلاقات بين بريطانيا والاتحاد السوفييتي حيث إن الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف كان أول زعيم سوفييتي رفيع المستوى يزور بريطانيا منذ 28 عاماً. وكانت زيارته التي استغرقت ثمانية أيام أطول زيارة يقوم بها مسؤول من دول الستار الحديدي.
وبمجرد انتهاء المباحثات قام جورباتشوف وزوجته رايسا بالتمتع بمشاهدة لندن وزيارة المكتبة لتي قام لينين من خلالها بإصدار جريدته الأولى. كما قام أيضاً بزيارة المكتبة البريطانية ورؤية المقعد الذي جلس عليه كارل ماركس أثناء كتابة كتابه الشهير (رأس المال) .
وقد أصبح جورباتشوف سكرتيراً عاماً للحزب الشيوعي عام 1985 بعد وفاة تشيرنينكو ثم أصبح رئيساً للاتحاد السوفيتي عام 1988. وقد أدت سياسته، المسماة البريستوريكا (أو إعادة البناء والانفتاح) والجلاسونست (أو المصارحة) ، إلى انهيار النظام الذي كان جامداً ولا يقبل التغيير. وفي أغسطس عام 1991 تمت الإطاحة بجورباتشوف بواسطة انقلاب قاده مسؤولون سوفييت وأجبر في شهر ديسمبر على الاستقالة. ومنذ ذلك الوقت أصبح جورباتشوف شخصية شهيرة في الغرب يقوم بالجولات وإلقاء المحاضرات. واعتبر أحد المسؤولين عن إسدال الستار على الحرب الباردة وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1990 .
|