الإشارات الضوئية.. هل هي سبب الحوادث!!
م. عبد العزيز بن محمد السحيباني / البدائع

الإشارات الضوئية وضعت لتنظيم حركة المرور ولم توضع لتكون سبباً في الحوادث، ولا شك أن تجاوز الإشارة الضوئية يعتبر مثل القتل العمد.. فلا فرق بين من يتجاوز الإشارة الضوئية ويتسبب في قتل أناس أبرياء وبين من يطلق رصاصة على شخص بريء.. ولكن الإشارات الضوئية لدينا يتم تجاوزها لأسباب عديدة.. منها:
1 - الاستهتار بأنظمة وقوانين المرور وتجاوز الإشارة عمداً وجهاراً نهاراً وأعتقد أن مثل ذلك نسبته قليلة ولا تمثل إلا نسبة قد تصل حسب اعتقادي 10% من مجموع تجاوزات الإشارات الضوئية.. وذلك من قبل الشباب المراهقين الذين لا يعون أو لا يعرفون مخاطر تجاوز الإشارة.
2 - وقوع الإشارة في مكان يغري بتجاوزه وبسرعة جنونية مثل وقوعها بطرق برِّية خالية ومفردة ولا داعي لوجودها في مثل هذه الطرق حيث ان القادم للتقاطع يرى القادم للتقاطع المتعامد معه من مسافة بعيدة.. ولن يتجاوز الإشارة في هذه الحالة وهو يرى القادم من الاتجاه الآخر قريباً منه إلا شخص منتحر.. أما في حالة وجودها في شوارع مكتظة بالحركة ويحجبها المباني وغيرها فإن الأمر مختلف تماماً, كذلك وجود الإشارة الضوئية في تقاطع على شكل حرف (H) مع وجود حركة قليلة من الشارع الفرعي مما يعرقل حركة المرور الكثيفة جداً نسبة إلى الشارع الفرعي.
3 - بعض الإشارات الضوئية تكون واضحة من أحد أوجه التقاطع ومختفية أو صغيرة الحجم من الوجه الآخر.. وهذا من أخطر الأشياء وعدم وجود الإشارة الضوئية في هذه الحالة أفضل.. لماذا؟!.. لأنه العابر للتقاطع الذي يرى الإشارة الضوئية واضحة أمامه فيه سيعبر آمناً من وجود أي سيارة في الوجه الآخر المتعامد معه لأن الإشارة أمامه خضراء وواضحة جداً وكبيرة الحجم وقد تكون على عارضته.. أما الآخر القادم من التقاطع الذي تختفي فيه الإشارة وسط أشجار أو أنها صغيرة الحجم أو على جانب واحد من الطريق أو على عامود قصير (على سبيل المثال)... أو أنها معطَّلة فسيعبر التقاطع مع استخدام حواسه على اعتبار ليس هناك إشارة ضوئية وكذلك فإن العابر الآخر القادم من الاتجاه المتعامد والذي تتضح أمامه الإشارة الضوئية سيعبر التقاطع دون استخدام حواسه (البصر) لعبور التقاطع حيث ستكون الإشارة الضوئية نائية عنه في عبور التقاطع..
في هذا خداع لعابري الطريق وغش لهم وكذب عليهم حيث قالت لهم الإشارة الخضراء اعبروا الطريق آمنين فضوئي اخضر وهو الذي يعبر عن الأمان.. بينما يأتي عابر آخر من الاتجاه المتعامد فتحدث الكارثة.. حيث انه لا يعتقد أن هناك إشارة ضوئية.
4 - ان من المعروف هندسياً وفنياً ان الضوء الأصفر هو الزمن اللازم لعبور التقاطع فلو فرضنا ان هناك تقاطعا طوله 50 متراً وجاءت سيارة لعبوره فإنه منذ اضاءة الضوء الأصفر حتى الأحمر فلابد من قطع السيارة مسافة 50 متراً.. ولكن المرور يقول ان الأصفر يعني (استعد للوقوف).. فكيف يستعد للوقوف وهو قد وصل التقاطع.. انه لابد ان يقف والضوء اصفر وليس يستعد للوقوف مما يعني انه لن يعبر التقاطع حتى يخلي المسار لمن تضاء له الإشارة الخضراء في الاتجاه المتعامد معه.. وقد يقف فجأة فيأتي متهور من الخلف فيصطدم به وتحدث الكارثة.. فمع الاستهتار بقوانين المرور أصبحت الإشارات الضوئية مثل (صبّ الزيت على النار).. ليس فقط بتجاوزها وإنما بعدم معرفة ما تعنيه أشاراتها وألوانها.
5 - عندما تصبح أشعة الشمس متعامدة على الإشارة الضوئية فإن السائق يجب ان يتحول إلى خبير ألوان أو أضواء أو ان ينزل من سيارته ويفتح احداق عينيه ليميز هل الإشارة مضاءة خضراء أم حمراء أو أن ما يراه هو لون الزجاج فقط.. هذه مشكلة لم ينتبه لها المرور أو المواصلات.. مع أن الملايين يشتكون منها وقد تكون من أسباب الحوادث المروعة التي حدثت هو عدم معرفة هل الإشارة مضاءة أم لا بسبب ان ضوء الشمس يتغلب على ضوء الاشارة الضوئية فتصبح كالاشارة المعطَّلة.. إنه والحالة هذه ارى ان يتم وضع حلقة مضيئة حول أعين كل اشارة ضوئية بمعنى حلقة حول العين الحمراء وحلقة حول الخضراء هذه الحلقة تضيء مع اضاءة الاشارة بلون وضوء متقطع ليدل على ان ما حولها الضوء المتقطع هي الاشارة التي تعمل خضراء أو حمراء.. أو عمل مظلاَّت على الإشارة الضوئية تحجب عنها أشعة الشمس كي ترى على حقيقتها.
6 - إن نظام ضبط مخالفي نظام الاشارة الضوئية (تجاوز الإشارة) فيه شيء من الغموض وعدم الدقة حيث ان ذلك يتطلب اختباء (الدورية) في مكان بعيد نسبياً عن الإشارة الضوئية بحيث لا يراه من عند الإشارة,, فكأنه اصطياد في الماء العكر واستدراج للسائقين لمخالفة الإشارة.. وكأن الهدف هو العقوبة بحد ذاتها (وليس التأديب).. ولكن لماذا هذا الاختبار والتخفي ولماذا لا تقف الدورية بارزة للعيان أمام الذاهب والغادي ليراها الجميع فرؤيتها يعني هيبة النظام.. ويعني ان يقول المرور هأنذا موجود أراقب المخالفين.. أما اذا اختبأت الدورية فإن ذلك يعني انها عاجزة وتعلن عجزها عن محاسبتهم ومخالفتهم ويعني ذلك ان المستهترين بالنظام يزيدون استهتاراً بها لأنها عاجزة عن محاسبتهم.. ومن ناحية اخرى إذا كان هذا الشخص الجالس في السيارة بعيداً فإن السيارات المتجاوزة ستختلط عليه وستختفي سيارة خلف أخرى ولا يمكن قراءة الأرقام وهو بعيد فقد يخطئ في رقم أو يظن ان السيارة المتجاوزة هي سيارة لم تتجاوز أخرى(مع أنه قد رأى السيارة المتجاوزة ولكن كثرة السيارات قد شوش تفكيره فظن البريء مخطئاً والمخطئ بريئاً.. وبهذا عوقب البريء بجريرة المسيء.. والمشكلة ان المرور يضع ثقته 100% بفرد المرور دون أي اعتبار للراكب مهما أبدى من المبررات القوية التي تؤيد انه بريء ولم يتجاوز الإشارة..وقد يحدث من المشاكل بسبب هذا الاستفزاز ما يفوق الحادث المروري الذي يسببه تجاوز الإشارة الضوئية.. ويجب الا توضع الثقة الكاملة 100% بفرد المرور فأغلبهم ولا أقول كلهم غير متعلمين وبعضهم لا يعرف القراءة أو الكتابة.. فقد رأيت أحدهم وهو يأخذ الرخصة بشكل مقلوب ليقرأها وهو لا يعرف القراءة أصلاً.. ونسبة منهم يضع الخطأ على شخص بريء أما لحزازات شخصية سابقة أو أحقاد وهذا احتمال وارد لا يمكن اغفاله أو اهماله.. او ان بعضهم قد يهمل بلاغاته ويبلغ عن اي شخص ما دام ان الثقة قد وضعت فيه وهو اصلاً ليس أهلاً لهذه الثقة.. انني اتمنى من جهاز المرور ان تنشأ المحاكم المرورية لسماع التظلمات والشكاوي التي تحصل بسبب تصرفات مثل هؤلاء الأفراد والذين يسيئون إلى نظام وجهاز المرور (وقد حصل معي شخصياً عدة مواقف من هذا القبيل) وأجزم أن كل شخص قد عانى من تصرفاتهم، إن الذي يقضي على ذلك هو وجود كاميرات بجانب كل إشارة تفصل في الموضوع وتسجل قطع الإشارة وتغني عن المحاكم وعن وقوف دورية مختبئة (مع ان من المفترض نزول شخص بجانب الإشارة ليسجل تجاوزاتها) هذه الكاميرا تختصر كثيراً من الجهود وتكاليف وقوف دوريات وتوظيف آلاف الافراد لملاحظة تجاوز الإشارة وقد تقل تكاليف الكاميرات عن هذه التكاليف.