الصبر كلمة ورد ذكرها في القرآن أكثر من سبعين مرة، والصبر خلق وميزة يمتاز به بعض الناس عن بعض، سواء كانوا رجالاً ونساء. ولقد سجل لنا التاريخ مواقف خالدة من صبر السلف ومن جاء بعدهم في تلك العصور المفضلة. فهذا عروة بن الزبير - رحمة الله عليه - أصيب في قدمه بمرض الآكلة (السرطان أو الغرغرينا) فقال له الأطباء لابد أن نسقيك خمرا لكي لا تشعر بألم القطع؟ فما تراه قائلاً لهم؟! لقد قال لهم: لا أريد قلبي أن يغفل عن ذكر الله عز وجل. فقالوا له: إذن ماذا نفعل لا سيما وأننا سوف نضع قدمك في الزيت المغلي لكي يُنقى الدم! فقال لهم: سأدلكم على طريقة أخرى.. إذا قمت إلى الصلاة فافعلوا ما تشاؤون.. لأن قلبه يتعلق بالله فلا يحس بما يفعل به. وفعلا عندما كبّر مصليا قطعوا رجله من فوق الركبة ولم يتحرك، ولكن عندما وضعوا رجله في الزيت المغلي سقط مغشيا عليه. والقصة لم تنته عند هذا الحد، بل أصيب بمصيبة أخرى فصبر حيث مات ابنه في نفس اليوم الذي قطعت فيه رجله! فماذا قال بكل تسليم وإيمان بالقضاء: الحمد لله يا رب الصابرين. فما أحوجنا اليوم إلى تلك النماذج للاقتداء بها في زمن صار فيه الصابرون عملة نادرة.. وقلَّ أن تجد من يصبر على نوائب الدهر.
|