في مشاركة سابقة ذكرت ما اسميته (الطريق الجديد الى البترول) والذي شمل ايران بالاضافة الى دول عربية، ودخول ايران في (خارطة الطريق) هذا له اسباب ومبررات.
قبل ايران كانت اوروبا تتحاشى التعامل الصريح من الحركات التي تتخذ الدين الإسلامي اساسا لها لأن أي نجاح لها سيكون قوة للإسلام، وخليط الإسلام والعروبة امر لا تجروء اوروبا على مساعدته في السيطرة على منابع البترول العربية.
الاستثناء الايراني جاء لعدة اسباب:
1- ايران تتاخم منطقة البترول في الخليج لكنها ليست عربية ولن تتفاعل مع الحركات القومية العربية لذلك لم تكن شريكا مناسباً للآخرين على هذا الأساس.
2- كان الحكم الشاهنشا هي المدعوم من أمريكا يستند الى حد ما الى القومية الفارسية لكنه كان تحت السيطرة وبدون اطماع توسعية معلنة.
3- اغلبية الشعب الايراني شيعة لذا فإن انضمامها للمسار الجديد الى البترول لن يفضي الى وحدة اهداف مع شركائها العرب في حالة السيطرة على دول منابع البترول بل سيتحول الى اداة ضغط عليهم.
4- كان الدين هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لتغيير الولاء الايراني وصرفه عن أمريكا وهذا ما حصل عندما دعمت فرنسا الخميني ليتم طرد الشاه واستلام الإسلاميين للحكم.
وبعد ان سئمت الولايات المتحدة الأمريكية من هذه المناورات التي تنذر بالدمار وتستسهل عنصر المخاطرة التاريخية في المنطقة وثروتها قررت وضع حد لكل هذا (حرب الخليج الأولى)، مما دفع باوروبا الى المجازفة في استعمال آخر ورقة لها ورمت جانبا المحاذير السابقة مستغلة المشاعر الإسلامية الجياشة ضد ما يراه العرب والمسلمين تحيزا امريكيا لإسرائيل.
وعندما طفح الكيل بالولايات المتحدة بعد 11-9 التي استشعرت فيها يدا أوربية خفية سارعت بجيوشها الى المنطقة بحجة الخطورة التي تشكلها حكومة صدام حسين عليها وعلى العالم فاحتلت العراق وكسرت (ظهر الطريق البعثي الى البترول)، ولكنها في الوقت نفسه اعطت ذريعة قوية لأوربا لإثارة العرب والمسلمين ضد أمريكا وتحقق ذلك بسهولة فائقة.
ومنذ احتلال امريكا للعراق والعالم العربي الإسلامي يغلي بالكره والعداء لأمريكا ولا يتردد عملاء اوروبا وزبانيتها من بقايا الحركات القومية الفاشلة في تأجيج نار المقاومة للوجود الامريكي مادام الوقود هو الدم والوطن العراقي، يشاركهم في ذلك بعض الإسلاميين المتحمسين.
المملكة العربية السعودية، التي كانت هدفا رئيسا للخطط والمؤامرات الاروبية الفاشلة وقاومتها بكل قوة مما جعلها في معسكر لوحدها خرجت منتصرة من كافة الجولات ونعمت بنسبة عالية جداً من الاستقلالية والشراكة الكفؤة مع الولايات المتحدة الفاعل الجديد في المنطقة واصبحت تمثل هدفاً مهما للتخريب الاوربي للمصالح الامريكية الذي يبدأ بتخريب المملكة العربية السعودية نفسها.
السؤال اذاً..
هل تصبح الحركات الإسلامية التي تقبلها المواطن السعودي بصدر رحب انطلاقا من مشاعر دينية جياشة مدعومة بالحنق مما حدث في فلسطين اولى القبلتين وبالا على هذه البلاد؟ هل من متابع أو مؤرخ يستطيع وبكل تجرد ان يتابع تسلسل التغلغل الاوربي في الحركات الإسلامية في مصر وغيرها والتي تم تصديرها بدون جمارك الى المملكة العربية السعودية وما هو نشاط تلك الحركات في البلاد؟
من الذي اختطف التعليم في كافة مراحله خصوصا المدارس الخاصة؟
من هم النشطاء الدينيون في المدارس؟ وما هي اهدافهم الحقيقية؟ اذا كانوا حركيين مستوردين هل نطالب بإنهاء عقودهم وتسفيرهم ومنع من هو على شاكلتهم من القدوم؟
لماذا لا يصمت بعض المتكلمين الذين قد لا يفقهون انهم اخطر المروجين لأفكار الحركات التي تهدف الى تخريب بلادنا؟ وان كانوا يفقهون فالمصيبة اعظم.
لابد أن نبعد الكبريت عن القش ونحمي بلادنا من وخيم العواقب.
|