إن الارتقاء بالشأن العام للوطن والمواطن يأتي ضمن أولويات خطط الإصلاح لمنظومة الحكم والإدارة التي سنتها حكومة خادم الحرمين الشريفين .. لذا ، فقد شهدنا مؤخراً انتخابات للمجالس البلدية تمثل جزءاً من استراتيجية تنموية شاملة تقودها المملكة تهدف إلى تطوير آلية صناعة القرار التنموي فيها ، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة أن الحكومة والمواطن يتكاملان في تضافر الجهود من أجل الارتقاء بالوطن - عبر تحقيق نقلات نوعية - في مسيرة الإصلاح والإنماء والتطوير.
تكون البداية صعبة دوماً ولكن أول الغيث قطرة ثم ينهمر ، وقد كان قرار المشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات البلدية فاتحة خير ، ووسيلة تثبت التوجه نحو تكريس هذا المبدأ في إدارة الشؤون المحلية ، ومما يبشر بخير أن أبناء هذا الوطن - بما يتمتعون به من نضج حضاري وتعليمي - هم أهل لخوض هذه التجربة وتلمس آثارها والإفادة منها.
فالتجربة الانتخابية هي الصيغة المناسبة التي ستمكن جميع الفعاليات الاجتماعية من المشاركة في قضايا المجتمع ، والعمل الجاد لإنمائه وهي الوسيلة الفاعلة التي ستضمن التواصل بين تلك الفعاليات الاجتماعية والقيادة السياسية.
وإذا كان من المقرر لدينا أن الاختيار للأمثل يكون بطريق الانتخاب ، وأن نجاح آلية ذلك معتمد بالدرجة الأولى على النظام المنضبط المحدَّد ، بشروط تضمن هذا الاختيار الأمثل وذلك بطريق ترشح من تنطبق عليهم هذه الشروط والضوابط ، في ظل إشراف الدولة وتهيئتها الظروف المناسبة لهذه الانتخابات, فإننا سنصل بذلك إلى تحقيق الهدف من هذه الانتخابات ، وذلك باستحقاق الشخص المؤهل القادر على اتخاذ قرارات تقوم على أسس موضوعية ، وتخدم المصلحة العامة.
بدأت الانتخابات في المملكة - كما في غيرها من بلدان العالم - أولية بسيطة ، لكنها ستتطور حتى تلحق بالنماذج الديموقراطية المتقدمة ، طالما توافرت قناعة لدى الحكومة بضرورة الجد في عملية الإصلاح ، والعمل الدؤوب على تطوير آلية صنع القرار في المملكة بما يفعل مبدأ التعددية في الرأي ، والإفادة القصوى من الآراء التي يفيد منها الوطن والمواطن.
|