* الجزائر - واس:
بدأت في الجزائر امس فعاليات المؤتمر الاسلامي الرابع لوزراء الثقافة تحت عنوان (التنوع الثقافي بين العولمة والمحافظة على هويات الشعوب وتراثها) برعاية الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وتستمر يومين. ويرأس وفد المملكة العربية السعودية الى المؤتمر معالي وزير الثقافة والاعلام الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي.
والقى معالي الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي عبدالواحد بلقزيز كلمة رحب فيها بالوفود المشاركة واكد ان هذا المؤتمر يعقد في ظروف صعبة تمر بها المنطقة بعد احتلال العراق وكذلك ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انواع الاضطهاد والتعذيب والتشريد منذ اغتصاب ارضه. ثم القى المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (اسيسكو) الدكتورعبدالعزيز التويجري كلمة اوضح فيها ان المؤتمر سيناقش عددا من الوثائق منها استراتيجية العالم الاسلامي ومشروع الميثاق الاسلامي للتنوع الثقافي وكذلك الاطار العام ببرنامج الرد على حملات التشوية الاعلامي للاسلام وللحضارة الاسلامية اضافة الى سبل النهوض بالصناعات الثقافية في العالم الاسلامي والتنوع الثقافي والخصوصية والعالمية.
بعد ذلك القى معالي وزير الثقافة والاعلام الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي رئيس وفد المملكة كلمة قال فيها (في مستهل هذا اللقاء الخيّر على ثرى هذه الارض الطيبة بلدنا الثاني الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة التي تضمنا بكل المحبة والتقدير يشرفني ان انقل اليكم من رحاب مكة المكرمة ومن جوار الكعبة المشرفة تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وتمنياتهم الخالصة بأن يتحقق لهذا الاجتماع ولكل الاجتماعات الخيّرة الخلوص الى النتائج البناءة المثمرة التي تعزز الجهود المتضافرة المشتركة الرامية الى التمكين والرفعة للشأن الاسلامي ليسهم بدوره الايجابي المتكامل على درب نظام عالمي جديد تسعد به وله الاسرة الدولية.
واضاف قائلا: لايفوتني ان اعبر عن سروري اذ اشارك اخواني في هذه المناسبة الطيبة التي تضم نخبة من خيرة ابناء عالمنا الاسلامي حيث التقي واياهم على هذا المستوى الرفيع في اطار المؤتمر الاسلامي الرابع لوزراء الثقافة الذي تنظمه الايسيسكو وتستضيفه الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. وازاء ذلك لايسعني الا ان اوجه خالص الشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبدالعزيز بوتفيلقة وحكومته والشعب الجزائري النبيل على كرم الضيافة وحسن الاستقبال وان هذا الامر ليس بمستغرب من بلد حافل بالامجاد على امتداد تاريخه المشرق الموغل في القدم بما يعبر عن الاصالة الحقيقية بكل ابعادها ومرتكزاتها.
وأوضح معاليه أن هذا اللقاء يطرح العديد من الموضوعات المهمة ذات الصلة بالشأن الثقافي في عالمنا الاسلامي ومن ضمن ذلك عرض الجهود الطيبة التي قامت بها الايسيسكو في تنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الاسلامي ومتابعة تنفيذ برنامج عواصم الثقافة الاسلامية التي حققت نتائج مثمرة ساهمت في التعريف بين البلدان الاسلامية بعضها مع بعض كما ساهمت في تعريف الاخرين بما تزخر به كل دولة اسلامية من ارث ثقافي وتراثي.. ولأننا نتعامل مع المتغيرات الدولية فإنه لابد للعمل الثقافي الاسلامي ان يساير كل المستجدات داخل العالم الاسلامي وخارجه وأن أمامنا مشروع الاستراتيجية الثقافية للعالم الاسلامي ومشروعا اخر لا يقل اهمية عن الاول وهو مشروع الميثاق الاسلامي حول التنوع الثقافي وعددا من الموضوعات الاخرى التي سوف تعزز مسيرة التنسيق والتعاون والتكامل الثقافي بين دول العالم الاسلامي. وأضاف قائلا (لقد تعرضت كثير من الدول العربية والاسلامية الى خطر شرس وعبث اجرامي وغلو وتطرف أدى الى الارهاب بمفهومه الحقيقي ورغم ان جميع دول العالم تقريبا تواجه مثل هذا الخطر الا ان المملكة العربية السعودية تعرضت للعبث الاجرامي حالها حال كثير من الدول الاسلامية وللاسف الشديد ألصق مفهوم الغرب للارهاب بالاسلام ونشط الاعلام المعادي في إلصاق هذه التهم وتعلمون ان الاسلام بريء من ذلك فهو دين التسامح والمحبة والرحمة والعدل والمساواة لذلك فإن المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا عازمة بإذن الله وتوفيقه للتصدي لكل انواع الارهاب ووسائله بكل ما تملكه من قدرات اعلامية وثقافية بل ان كل العالم الاسلامي قياداته وشعوبه سائرة في هذا المجال في مكافحة الافكار المنحرفة التي يعتنقها نفر قليل من البشر أضروا بالاسلام والمسلمين.. والحالة هذه لابد للفعاليات الثقافية الاسلامية المشتركة ان تركز في مسارات عملها على التصدي لكل فكر منحرف وثقافة دخيلة على الاسلام حتى يكون للثقافة والمثقفين في العالم الاسلامي دور حيوي ونشط في مكافحة الارهاب.
وقال: تلك هي الرؤية التي أطرحها هنا في هذا الاجتماع رفيع المستوى امتثالا لقول الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} وقوله تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، وبطبيعة الحال فإن التعارف لا يتحقق من خلال مايسمى صراع الحضارات وانما يتحقق بالاحترام والتقدير وحسن الاستماع الى الرأي والرأي الاخر وان منهجنا الاسلامي ثقافيا هو الدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هى احسن هذا هو منهج الاسلام مع غير المسلمين ومع الاديان كافة منذ اربعة عشر قرنا. قال تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ان مبادئ الحوار العقلاني وتقبل الرأي الاخر لابد ان يكون فعلا جوهريا في خطابنا الاسلامي الثقافي الذي يفترض ان نعتمد عليه في تعاملاتنا في محيطنا الوطني وفي تعاملاتنا فيما بيننا وفيما نمده من جسور للتعاون مع الاخر في اطار من الصراحة والوضوح لتبادل وجهة النظر وللتغلب على التحديات التي تواجه امتنا الاسلامية ولذلك فإن المطلوب هو إعمال الفكر وتكثيف الجهود وتضافرها لأخذ زمام المبادرة نحو تحقيق الاهداف المشتركة التي نخطط لها ووفق آليات تنفيذها مع استقطاب الكفاءات وحشد الامكانات لتفعيل الاداء وللمضي قدما بكل قوة واقتدار. وتابع معاليه القول: هذا مجمل مارأيت ان اعرض له وبإيجاز شديد لوقتكم الثمين وفي يقيني ان الاخوة المشاركين لديهم الكثير من المفيد مما يودون الادلاء به بما يثري نقاشاتنا ويزيدها عمقا لبلورة توصياتنا وقراراتنا لتكون على النحو الذي يرنو اليه كل المخلصين على درب تحقيق الصالح العام الذي هو رائد الجميع.
كما لا يفوتني هنا ان اشيد بالجهد الفكري المتميز الذي قامت به المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافه للاعداد الجيد لهذا المؤتمر والشكر موصول لمعالي مديرها العام الاخ الدكتور عبدالعزيز التويجري.
وختاما اكرر تحياتي وتقديري واحترامي لهذه البلاد العظيمة قيادة وحكومة وشعبا على كل ما احاطونا به من رعاية واهتمام وعلى ما وفروه لنا من تسهيلات بما يسر لنا اداء المهام المناطة بنا راجيا لهذا الشعب الكريم مزيد الرفعة والتقدم والازدهار وهو اهل لذلك لما يملكه من امكانات حيوية وطاقات بشرية مميزة وفكر نيّر وتراكم حضاري يعز نظيره.
من جانبها أكدت وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي أن العالم الاسلامي اصبح قادرا على حل معادلة الاصالة والمعاصرة والتعامل بوعي مع متطلبات عصر العولمة. وقالت في كلمة ألقتها امام المؤتمر الاسلامي الرابع لوزراء الثقافة الذي بدأ فعالياته أمس في الجزائر تحت عنوان (التنوع الثقافي بين العولمة والمحافظة على هويات الشعوب وتراثها) ان التنوع الثقافي يشكل ارثا مشتركا لكافة البشرية الا ان العولمة تحاول ان تفرض نمطا حضاريا واحدا على العالم مما يدعو الى الاعتقاد بحتمية صراع الحضارات. وأعربت الوزيرة الجزائرية عن املها بأن تواصل المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) مسيرتها في السنوات القادمة لتحقيق المزيد من النجاح في مساعيها لضمان العمل الثقافي المشترك بين الدول الاسلامية مؤكدة ان ذلك لن يتم الا بمزيد من التنسيق والتعاون بين الدول الاعضاء في المنظمة. وبينت وزيرة الثقافة الجزائرية أن بلادها لن تألو جهدا للعمل على تحقيق الاهداف التي سيتم الاتفاق عليها والمستمدة من مبادئ الدين الاسلامي الحنيف.
|