ربما من الأخطاء التي يقع فيها أصحاب المشروعات الاستثمارية القائمة، خطأ لتسرع في اتخاذ قرار تطوير وإنتاج سلعة تطرح أول مرة بناء على ماتمليه لهم أذواقهم وما يفضلونه هم، أو لما يرغب فيه أصدقاؤهم ومعارفهم في شكل السلعة ومضمونها، عدم الأخذ بأذواق ومتطلبات العملاء والمستهلكين وما يفضلونه هم كأساس كل تطوير وإنتاج يعد تجاهلاً ليس له مكان في عالم الأعمال.. وإن الاستعجال في تنفيذ إنتاجي كهذا يعد خطوة سلبية تكتنفها كثير من المخاطر خاصة إذ لم يكن القرار قائماً على دراسات اقتصادية تبرر جدوى عرضه في السوق.. لذا فإن اقتصار المشورة على عدد محدود من الأصدقاء والمعارف لا شك سوف يقلل من احتمالية مشاركة الآخرين والاستفادة من مقترحاتهم.. ونادرا ما ينتقد الأصدقاء قريباً لهم، وهم عادة يخبرون صديقهم بما يحب أن يسمعه وما يرطب خاطره.. إلا أن هذا لا يمنع الصديق الصدوق من قول الحقيقة من منطلق الحرص على مصلحته وحفاظاً على مستقبله الاستثماري.. فالمشورة أمانة، والأمانة تفرض التنوير والتوضيح الكامل للمشكلة.. ويبدو أن أنسب الحلول للتنوير هو البحث عن طرف ثالث محايد ليس له ناقة ولا جمل في الموضوع، ولا غرابة إن الإخفاقات الاستثمارية تعترض الشركات الصغيرة ليست بسبب الصعوبات الإدارية أو المالية فيها ولكن تركزت في مبالغة صاحب المشروع في الاهتمام بآراء معرافه واستناده عليهم في كل شاردة وواردة، وليس كل الأفكار صالحة للتحول إلى مشروعات ناجحة وللمطور أن يسأل نفسه: ما الذي سيجعل الناس يقبلون على المنتج الجديد، ويشترونه عن باقي المنتجات المماثلة في الأسواق؟..
وليس: كيف أجعل الناس يشترون هذا المنتج وأفرضه عليهم ومن لا يستطيع التمييز بين هذين السؤالين سوف ينفق أعواماً طويلة ساعياً وراء أفكار ومشروعات غير مجدية، ومن يستطيع أن يوفق بين ما يمكنه أن يقدمه للمستهلك وبين مايريد المستهلك شراءه، فهو رجل أعمال يكيّف نفسه وفقاً لواقع السوق. وفي العالم الواقعي لا يمكن أن يعدل الناس سلوكهم الشرائية حسبما يريده المستثمرين، ولا يمكن أن تعدل الأسواق سلوكها، وفقاً لما يفضلونه هم.. المنافسة عالم يتحرى المطور فيه أسباب النجاح وفرص التفوق بما تنمو أرباحه وتنمو مبيعاته.
|